التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَحۡيَآءُ وَلَا ٱلۡأَمۡوَٰتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُسۡمِعُ مَن يَشَآءُۖ وَمَآ أَنتَ بِمُسۡمِعٖ مَّن فِي ٱلۡقُبُورِ} (22)

قوله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ } الأحياء مثلٌ للمؤمنين فقد أحيا الله بصائرهم بنور الإيمان ، وأرشدهم إلى ما فيه الهداية والسداد ، وألهمهم الخير والرشد والصواب . وأما الأموات فهم مثل للكافرين الخاسرين ؛ فإن قلوبهم كزَّة وغُلْف لا يفضي إليها الإيمان بما خُتم عليها . وهذان الصنفان من الأناسي لا يستويان . بل إنهما مختلفان اختلافا ظاهرا وكبيرا .

قوله : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ } الله يُسمع آياته وحججه وعباده الطيبين الذين علم أنهم مؤمنون ، فيهديهم لطاعته . قال الزمخشري في تأويل هذه الآية : يعني أنه قد علم من يدخل في الإسلام ممن لا يدخل فيه . فيهدي الذي قد علم أن الهداية تنفع فيه ، ويخذل من علم أنها لا تنفع فيه .

قوله : { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } الكافرون الخاسرون بمنزلة الموتى من أهل القبور في أنهم لا ينتفعون بما يسمعونه من الآيات و العظات . فهم خامدو هامدون رِمَم وكذلك الكفرة الجاحدون ؛ فإن قلوبهم قد طبع عليها ؛ فهي لا تعي ولا تستجيب ولا تريم{[3862]} .


[3862]:لا تريم أي لا تبرح. رام يريم؛ أي برح يبرح. انظر مختار الصحاح ص 266 وأساس البلاغة ص 264