النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَحۡيَآءُ وَلَا ٱلۡأَمۡوَٰتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُسۡمِعُ مَن يَشَآءُۖ وَمَآ أَنتَ بِمُسۡمِعٖ مَّن فِي ٱلۡقُبُورِ} (22)

قوله عز وجل : { وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر ، كما أنه لا يستوي الأحياء والأموات فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر ، قاله قتادة .

الثاني : أن الأحياء المؤمنون الذين أحياهم الإيمان ، والأموات الكفار الذين أماتهم الكفر ، وهذا مقتضى قول السدي .

الثالث : أن الأحياء العقلاء ، والأموات الجهال ، قاله ابن قتيبة وفي { لاَ } في هذا الموضع وفيما قبله قولان :

أحدهما : أنها زائدة مؤكدة .

الثاني : أنها نافية لاستواء أحدهما بالآخر .

{ إنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ } أي يهدي من يشاء .

{ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِِ }{[2277]} فيه وجهان :

أحدهما : أنه مثل{[2278]} ضربه الله ، كما أنك لا تُسمع الموتى في القبور كذلك لا تسمع الكافر .

الثاني : أن الكافر قد أماته الكفر حتى أقبره في كفره فلذلك لا يسمع ، وقيل إن مراد الله تعالى بهذه الآية الإخبار أن بين الخير فروقاً ، كما أن بين الشر فروقاً ، ليطلب من درجات الخير أعلاها ولا يحتقر من درجات الشر أدناها ، وهو الظاهر من قول علي بن عيسى .


[2277]:قرأ الحسن وعيسى الثقفي وعمرو بن ميمون "بمسمع من في القبور" بحذف التنوين تخفيفا.
[2278]:ما ذكره الماوردي في تفسير الآية هو الأرجح فقد ورد في السنة أن الموتى يسمعون فروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم يأتيه ملكان فيقعدانه إلى آخر الحديث (مختصر صحيح مسلم الحديث رقم 491). وقد خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى أحد فقيل يا رسول الله أتكلمهم وقد جيفوا: فقال صلى الله عليه وسلم ما أنتم بأسمع منهم...