التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

قوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } :

يذكر الله نبيه الصابر أيوب عليه الصلاة والسلام وما أصابه من عظيم البلاء في الولد والجسد والمال ؛ فقد كان ذا أولاد وعيال وقد أخذهم الله فبقي وحيدا بغير ولد ولا أهل ولا جليس ، وكان ذا مال وثراء فأهلك الله ماله كله . ثم أصابه البلاء في جسده كله فانقلب عليلا سقيما . وقيل : لم يبق من جسده مغرز إبرة سليما سوى قلبه . فنفر منه الناس وتركوه وحيدا باستثناء زوجته المؤمنة الصالحة الرؤوم رضي الله عنها ؛ فإنها لم تفارقه ولم تفرط فيه ، بل كانت تخدم الناس بالأجرة لتتمكن من إطعامه وخدمته . فظل على هذه الحال من السقم والكرب والفقر وهجر الصحب والناس والحيلان جميعا ، مدة سبع سنين . وقيل : ثماني عشرة سنة حتى آل به الأمر إلى إلقائه فوق مزبلة من مزابل بني إسرائيل طيلة هذه المدة وقد رفضه الناس وزهدوا في محادثته أو الدنو منه . حتى إذا طالت الشدة وبلغ الكتاب أجله وجاء أمر الله بالفرج ، دعا أيوب ربه أن يكشف عنه ما حل به من البلاء . والله جلت قدرته خير معين ومجيب . وفي ذلك كله يقول سبحانه : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } النصْب : بضم النون المشددة ، وسكون الصاد . وهو ما يصيب البدن . أما العذاب : فهو ما يصيب المال والولد ؛ فقد دعا أيوب ربه عسى أن يكشف عنه ما أصابه ،