فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

قوله : { واذكر عَبْدَنَا أَيُّوبَ } معطوف على قوله : { واذكر عَبْدَنَا دَاوُود } وأيوب عطف بيان ، و{ إِذْ نادى رَبَّهُ } بدل اشتمال من عبدنا { أَنّى مَسَّنِىَ الشيطان } قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنه حكاية لكلامه الذي نادى ربه به ، ولو لم يحكه لقال : إنه مسه . وقرأ عيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول . وفي ذكر قصة أيوب إرشاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء به في الصبر على المكاره . قرأ الجمهور بضم النون من قوله : { بِنُصْبٍ } وسكون الصاد ، فقيل : هو جمع نصب بفتحتين نحو أَسَدَ ، وأُسْد ، وقيل : هو لغة في النصب ، نحو رشد ورشد . وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة ، وحفص ، ونافع في رواية عنه بضمتين ، ورويت هذه القراءة عن الحسن . وقرأ أبو حيوة ، ويعقوب ، وحفص في رواية بفتح وسكون ، وهذه القراءات كلها بمعنى واحد ، وإنما اختلفت القراءات باختلاف اللغات . وقال أبو عبيدة : إن النصب بفتحتين : التعب والإعياء ، وعلى بقية القراءات الشرّ ، والبلاء ، ومعنى قوله : { وَعَذَابٍ } أي ألم . قال قتادة ، ومقاتل : النصب في الجسد ، والعذاب في المال . قال النحاس : وفيه بعد كذا قال . والأولى تفسير النصب بالمعنى اللغوي ، وهو : التعب والإعياء ، وتفسير العذاب بما يصدق عليه مسمى العذاب ، وهو : الألم ، وكلاهما راجع إلى البدن .

/خ54