قوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } ثم لا ندري ما الذي كان من الله من تمكين الشيطان عليه حتى أضاف ذلك إلى الشيطان ، وليس لنا أن نقول : إنه مكن عليه كذا ، وفعل كذا في كذا ، وفعل به كذا إلا أن يثبت عن الله .
ثم وجه الحكمة من تمكين الشيطان على أوليائه في ما مكن في أمر الدين لتعلم جهة الفضل من جهة العدل ، وجهة الحلم من جهة الرحمة ، وأن له يمتحن عباده بما شاء وكيف شاء من أنواع الشدائد والبلايا على أيدي من شاء بلا أسباب كانت منهم ، يستوجبون بها ذلك ، وله أن يجتبي إلى من شاء من أنواع الخير والنعم ابتداء بلا أسباب كانت منهم ، يستوجبون بها ذلك .
فعلى ذلك بلاء أيوب عليه السلام والشدائد التي أصابته ؛ جائز أن يكون بلا سبب كان منه ، يستوجب ذلك . ولكن ابتدأه امتحانا منه إياه بذلك .
ثم قوله : { مسني الشيطان بنصب وعذاب } إنه ، وإن أضاف إليه ، فهو في الحقيقة من الله لما أخبر أنه على يديه كقوله عز وجل : { يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم } [ التوبة : 14 ] أخبر أن حقيقة العذاب منه ، وإن كان على أيديهم يجري ذلك ، وهو كقوله : { وإن يمسسك الله بضر } [ الأنعام : 17 ] أي ما يمس الإنسان من ضر يكون على يدي آخر ، ويكون من الله ، وله في ذلك صنع وفعل لا على ما يقوله المعتزلة : أن لا صنع لله في فعل العباد .
وأخبر أنه لو أراد بأحد ضرا ، ومسه بذلك { فلا كاشف له } لذلك الضر ، ولا دافع ، وأنه لو أراد خيرا بأحد لا راد لذلك الفضل غيره . فهو على المعتزلة أيضا .
وقوله تعالى : { بنصب } ونُصُب ونَصْب واحد ، وهو تعب ، وكذلك يقول القتبي : النُّصْبُ والنَّصَبُ واحد ، مثل حُزْن وحَزَن ، وهو العناء والتعب . وقال أبو عبيدة : النصب الشر والنصب الإعياء .
ومنهم من يقول : إن أحدهما في ما يصيب ظاهر جسده ، والآخر في ما يصيب باطنه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.