الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

قوله : { أَيُّوبَ } : كقولِه : { عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ ص : 17 ] ففيه ثلاثةُ الأوجهِ . و " إذْ نادَى " بَدَلٌ منه بدلُ اشتمال . وقوله : " أني " جاء به على حكايةِ كلامِه الذي ناداه بسببه ولو لم يَحْكِه لقال : إنَّه مَسَّه لأنه غائبٌ . وقرأ العامَّةُ بفتح الهمزة على أنه هو المنادَى بهذا اللفظِ . وعيسى بن عمر بكسرِها على إضمار القولِ أو على إجراءِ النداءِ مُجْراه .

قوله : " بِنُصْبٍ " قرأ العامَّةُ بالضم والسكون . فقيل : هو جمعُ " نَصَبٍ " بفتحتين نحو : وَثَن ووُثْن ، وأَسَدِ وأُسْدٍ . وقيل : هي لغةٌ في النَّصَبَ نحوُ : رُشْد ورَشَد ، وحُزْن وحَزَن ، وعُدْم وعَدَم . وأبو جعفر وشيبة وحفص ونافع في روايةٍ بضمتين وهو تثقيلُ نُصْب بضمة وسكون ، قاله الزمخشري . وفيه بُعْدٌ لِماعَرَفْتَ أنَّ مقتضى اللغةِ تخفيفُ فُعُل كعُنُق لا تثقيل فُعْل كقُفْل ، وفيه خلافٌ . وقد تقدَّم في العُسْر واليُسْر في البقرة . وقرأ أبو حيوة ويعقوبُ وحفصٌ في روايةٍ بفتحٍ وسكونٍ ، وكلُّها بمعنًى واحدٍ : وهو التعبُ والمَشقةُ .