المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

عطف قوله : { وآتينا } على ما في قوله { أسرى بعبده } [ الإسراء : 1 ] من تقدير الخبر ، كأنه قال أسرينا بعبدنا وأريناه آياتنا ، و { الكتاب } التوراة ، والضمير في { جعلناه } يحتمل أن يعود على { الكتاب } ويحتمل أن يعود على { موسى } . وقوله { ألا تتخذوا } يجوز أن تكون «أن » في موضع نصب بتقدير كراهية أن موضع خفض بتقدير لأن لا تتخذوا ، ويجوز أن تكون «أن » مفسرة بمعنى أي كما قال { أن امشوا واصبروا }{[7470]} [ ص : 6 ] فهي في هذا مع أمر موسى وهي في آياتنا هذه مع نهي ، والمعنى مع هذه التقديرات فعلنا ذلك لئلا تتخذوا يا ذرية ، ويحتمل أن يكون { ذرية } مفعولاً ، ويحتمل أن تكون «أن » زائدة ويضمر في الكلام قول تقديره قلنا لهم : لا تتخذوا ، وأما أن يضمر القول ولا تجعل «أن » زائدة فلا يتجه ، لأن ما بعد القول إما يكون جملة تحكى ، وإما أن يكون ترجمة عن كلام لا هو بعينه ، فيعمل القول في الترجمة كما تقول لمن قال : لا إله إلا الله قلت حقاً ، وقوله : { ألا تتخذوا } ليس بواحد من هذين ، قاله أبو علي وقرأ جمهور الناس «تتخذوا » بالتاء على المخاطبة ، وقرأ أبو عمرو وحده «ألا يتخذوا » بالياء على لفظ الغائب ، وهي قراءة بن عباس ومجاهد وقتادة وعيسى وأبي رجاء ، و «الوكيل » هنا فعيل من التوكل أي متوكلاً عليه في الأمور ، فهو ند لله بهذا الوجه ، قال مجاهد { وكيلاً } شريكاً .


[7470]:من الآية (6) من سورة (ص).