البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

ولما ذكر تشريف الرسول صلى الله عليه وسلم بالإسراء وإراءته الآيات ذكر تشريف موسى بإيتائه التوراة { وآتينا } معطوف على الجملة السابقة من تنزيه الله تعالى وبراءته من السوء ، ولا يلزم من عطف الجمل المشاركة في الخبر أو غيره .

وقال ابن عطية : عطف قوله وآتينا على ما في قوله أسرى بعبده من تقدير الخبر كأنه قال : أسرينا بعبدنا وأريناه آياتنا وآتينا .

وقال العكبري وآتينا معطوف على أسرى انتهى .

وفيه بعد و { الكتاب } هنا التوراة ، والظاهر عود الضمير من وجعلناه على الكتاب ، ويحتمل أن يعود على موسى ، ويجوز أن تكون أن تفسيرية ولا نهي وأن تكون مصدرية تعليلاً أي لأن لا يتخذوا ولا نفي ، ولا يجوز أن تكون أن زائدة ويكون لا تتخذوا معمولاً لقول محذوف خلافاً لمجوز ذلك إذ ليس من مواضع زيادة أن .

وقرأ ابن عباس ومجاهد وقتادة وعيسى وأبو رجاء وأبو عمرو من السبعة : يتخذوا بالياء على الغيبة وباقي السبعة بتاء الخطاب ، والوكيل فعيل من التوكل أي متوكلاً عليه .

وقال الزمخشري رباً تكلون إليه أموركم .

وقال ابن جرير : حفيظاً لكم سواي .

وقال أبو الفرج بن الجوزي : قيل للرب وكيل لكفايته وقيامه بشؤون عباده ، لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل انتهى .