محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا} (2)

وقوله تعالى :

[ 2 ] { وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 } .

{ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا * ذرية من حملنا مع نوح ، إنه كان عبدا شكورا } .

قال ابن كثير : لما ذكر تعالى انه أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم ، عطف بذكر موسى عبده ورسوله وكليمه . فإنه تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد عليهما السلام ، وبين ذكر التوراة والقرآن . وقال الرازي : لما ذكر الله تعالى في الآية إكرامه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن أسرى به ، ذكر في هذه الآية أنه أكرم موسى عليه الصلاة والسلام قبله بالكتاب الذي آتاه . وقال الشهاب في ( العناية ) : عقبت آية الإسراء بهذه ، استطرادا بجامع أن موسى عليه الصلاة والسلام ، أعطي التوراة بمسيره إلى الطور وهو بمنزلة معراجه . لأنه صح ثمة التكليم ، وشرف باسم الكليم مدمجا فيه تفاوت ما بين الكتابين ومن أنزلا عليه . وإن شئت فوازن بين { أسرى بعبده } {[5374]} . و { آتينا موسى } . وبين { هدى لبني إسرائيل } . و { يهدي للتي هي أقوم } و ( الواو ) استئنافية أو عاطفة على جملة { سبحان الذي أسرى } الخ لا على { أسرى } ؛ لبعده وتكلفه . وضمير { وجعلناه } للكتاب أو لموسى و { لبني إسرائيل } متعلق ب { هدى } أو ب { جعلناه } ، وهي تعليلية .

وقوله : { ألا تتخذوا من دوني وكيلا } أي وليّا ومعبودا تكلون إليه أموركم . لأنه تعالى أنزل على كل نبي أرسله ، أن يعبده وحده لا شريك له ، وقد قرئ : { ألا يتخذوا } / بالياء على الغيبة على حذف لام التعليل . والتقدير : جعلناه هدى لئلا يتخذوا . وقرئ بالتاء على الخطاب . وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن { أن } بمعنى أي . وهي مفسرة لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي .

الثاني : أن { أن } زائدة ، أي قلنا : لا تتخذوا .

الثالث : أن { لا } زائدة ، والتقدير : مخافة أن تتخذوا . والوكيل الموكول إليه . أي المفوض إليه الأمور ، وهو الرب . ف ( فعيل ) بمعنى مفعول . و ( دون ) بمعنى غير . و ( من ) زائدة . أو تبعيضية .


[5374]:[17 / الإسراء / 1].