وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ( 2 )
قوله تعالى : { وَآتَيْنَآ مُوسَى الكتاب } الآية .
لما ذكر الله - تعالى - في الآية الأولى إكرامه محمَّداً صلى الله عليه وسلم أنه أسرى به ، ذكر في هذه الآية إكرام موسى - عليه السلام - قبله بالكتاب الذي آتاهُ .
أحدها : أن تعطف هذه الجملة على الجملة السابقة من تنزيه الربِّ تبارك وتعالى ، ولا يلزمُ في عطف الجمل مشاركة في خبر ولا غيره .
الثاني : قال العسكريُّ : إنه معطوف على " أسْرَى " واستبعده أبو حيَّان .
ووجه الاستبعادِ : أن المعطوف على الصِّلة صلةٌ ، فيؤدِّي التقدير إلى صيرورة التركيب : سبحان الذي أسْرَى وآتينا ، وهو في قوة : الذي آتينا موسى ، فيعود الضمير على الموصول ضمير تكلُّمٍ من غير مسوِّغٍ لذلك .
والثالث : أنه معطوف على ما في قوله " أسْرَى " من تقدير الخبر ، كأنه قال : أسْرَيْنا بعبدنا ، وَأرَيْناهُ آيَاتنَا وآتَيْنَا ، وهو قريبٌ من تفسير المعنى لا الإعراب .
قوله : " وجَعلْنَاهُ " يجوز أن يعود ضميرُ النَّصب للكتاب ، وهو الظاهر ، وأن يعود لموسى - عليه السلام- .
وقوله : لبَنِي إسْرائِيلَ " يجوز تعلقه بنفس " هُدًى " كقوله : { يَهْدِي لِلْحَقِّ } [ يونس : 35 ] ، وأن يتعلق بالجعل ، أي : جعلناه لأجلهم ، وأن يتعلق بمحذوف نعتاً ل " هُدًى " .
قوله : " ألاَّ تَتَّخِذُوا " يجوز أن تكون " أنْ " ناصبة على حذف حرف العلَّة ، أي : وجعلناه هدًى لئلاَّ تتخذوا . وقيل : " لا " مزيدة ، والتقدير : كراهة أن تتخذوا ، وأن تكون المفسرة بمعنى " أي " و " لا " ناهية ، فالفعل منصوب على الأوَّل ، مجزوم على الثاني ، وأن تكون مزيدة عند بعضهم ، والجملة التي بعدها معمولة لقولٍ مضمرٍ ، أي : مقولاً لهم : لا تتخذوا ، أو قلنا لهم : لا تتخذوا ، قاله الفارسيُّ . وهذا ظاهر في قراءة الخطاب . وهذا مردودٌ بأنه ليس من مواضع زيادة " أنْ " .
وقرأ أبو عمرو{[20188]} " ألاَّ يَتَّخِذُوا " بياء الغيبة ؛ جرياً على قوله " لبَنِي إسْرائِيلَ " والباقون بالخطاب التفاتاً . ومعنى الآية : { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } ؛ لئلاَّ يتخذوا من دوني وكيلاً أي : ربًّا يكلون إليه أمورهم .
و " أنْ " في قراءة من قرأ بالياء في " ألاَّ يَتَّخِذُوا " في موضع نصب على حذف الخافض ، أي : لئلاَّ يتَّخذوا ، ومن قرأ بالتاء فتحتمل " أن " ثلاثة أوجهٍ :
أن تكون لا موضع لها ، وهي التفسيرية .
وأن تكون زائدة ، ويكون الكلام خبراً بعد خبر ؛ على إضمار القول .
وأن تكون في موضع نصبٍ و " لا " زائدة ، وحرف الجرِّ محذوفٌ مع " أن " قاله مكيٌّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.