المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

هذه مخاطبة لكفار مكة أي إنكم وأصنامكم { حصب جهنم } والحصب ما توقد به النار ، إما لأنها تحصب به أي ترمى وإما أن تكون لغة في الحطب إذا رمي وأما أن يرمى به فلا يسمى حصباً الا بتجوز ، وقرأ الجمهور «حصَب » الصاد مفتوحة ، وسكنها ابن السميقع وذلك على إيقاع المصدر موقع إسم المفعول ، وقرأ علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعائشة وابن الزبير «حطب جهنم » بالطاء ، وقرأ ابن عباس «حضَب » جهنم بالضاد منقوطة وسكنها كثير غيره ، والحضب أيضاً ما يرمى به في النار لتوقد به والمحضب العود الذي تحرك به النار أو الحديدة أو نحوه ومنه قول الأعشى : [ المتقارب ]

فلا تك في حربنا محضباً . . . لتجعل قومك شتى شعوبا{[8284]}

وقوله { وما تعبدون } يريد الأصنام وحرقها في النار على جهة التوبيخ لعابدها ومن حيث تقع «ما » لمن يعقل في بعض المواضع اعترض في هذه الآية عبد الله بن الزبعري على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال إن عيسى وعزيزاً ونحوهما قد عبدوا من دون الله فيلزم أن يكونوا حصباً لجهنم فنزلت { إن الذين سبقت } [ الأنبياء : 101 ] .


[8284]:البيت في اللسان (حضب)، وهو شاهد على أن (المحضب) هو العود الذي تحرك به النار عند الإيقاد، قال: "والحضب": الحطب في لغة اليمن، ومنه قرأ ابن عباس رضي الله عنهما: {حضب جهنم} منقوطة، قال الفراء: يريد الحصب، وحضب النار يحضبها: رفعها، وقال الكسائي: حضبت النار إذا خبت فألقيت عليها الحطب لتقد، والمحضب: المسعر، وهو العود الذي تحرك به النار عند الإيقاد، قال الأعشى: "فلا تك في حربنا...البيت". يقول: لا تحرك الفتنة وتشعل نار الحرب فتفرق قومك وتجعلهم شعوبا مختلفة.