تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

الآية 98 : وقوله تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } يقال : إن حرف : من : يتكلم عن البشر ونحوه [ وحرف : ما ] {[12822]} : إنما يتكلم عما سواهم من العالم . فإذا كان على هذا الذي ذكر{[12823]} فما ينبغي لأولئك أن يفهموا من قوله : { وما تعبدون } عيسى وعزيرا والملائكة . هؤلاء يقولون : هؤلاء عبدوا دون الله ، فهم حصب جهنم على زعمكم . إلى هذا يذهب أهل التأويل ، ويقولون .

ثم نزل قوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء : 101 ] قالوا : استثنى من عمله من عبد دون الله من سبقت له منه الحسنى ، وهو عزير وعيسى وهؤلاء [ الملائكة ] {[12824]} .

لكن قد ذكرنا أنه لا يجوز أن يُفهم من هذا هؤلاء ، ولكن الأصنام والأحجار التي عبدوها كقوله : { وقودها الناس والحجارة } [ البقرة : 24 ] التي عبدوها ، أو يكون قوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } الشياطين الذين أمروهم ، ودعوهم إلى عبادة غير الله . فتكون العبادة لمن دون الله للشيطان حقيقة لأنه هو الآمر لهم بذلك والداعي إلى ذلك دون من ذكروا لأن هؤلاء ، أعني عيسى وعزيرا والملائكة لم يأمرهم{[12825]} بذلك .

فيكون على هذا كأنه قال : إنكم والشياطين الذين تعبدون من دون الله حصب جهنم ، وهو ما ذكر في آية أخرى : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } { من دون الله } إلى قوله تعالى : { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } { قال قائل منهم إني كان لي قرين } [ الصافات : 22 و23 إلى50 و51 ] . دل هذا أن القرين هو الشيطان كقوله : { نقيض له شيطانا فهو له قرين } [ الزخرف : 36 ] .

وقوله تعالى : { حصب جهنم } بالصاد ، وقرى بالطاء{[12826]} حطب جهنم قال ابن عباس : الحصب بلسان الزنجية هو الحطب . وقال بعضهم : هو حطب بلسان الحبشة ، ويقال أيضا بالصاد [ حصب جهنم ] .

قال بعضهم : الحصب هي من الرمي ، يحصب جهنم بهم ، أي يرمي بهم . والحطب هو معروف ، والحضب هو التهييج أي تهيج النار عليهم . وقال الكسائي : حَضَبَتْ النار ، أي ألقيتُ فيها الحطب .

وعن عائشة : { حضب جهنم } بالضاد .

وقوله تعالى : { أنتم لها واردون } أي واقعون فيها .


[12822]:ساقطة من الأصل و م.
[12823]:في الأصل و م: ذكروا.
[12824]:ساقطة من الأصل و م.
[12825]:في الأصل و م: يأمرهم.
[12826]:انظر معجم القراءات القرآنية ج4/152.