فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

{ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهم أنتم لها واردون ( 98 ) لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ( 99 ) لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ( 100 ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( 101 ) } .

ثم بين سبحانه حال معبوديهم يوم القيامة فقال :{ إنكم } يا أهل مكة { وما تعبدون من دون الله } من الأصنام والشمس والقمر وإبليس وأعوانه { حصب } أي وقود { جهنم } وحطبها ، فكل ما أوقدت به النار أو هيجتها به فهو حصب ، كذا قال الجوهري ، وقال أبو عبيدة ؛ كل ما قذفته في النار فقد حصبتها به ، ومثل ذلك قوله تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة } وقرئ حطب جهنم بالطاء وقرئ حضب بالمعجمة . قال الفراء : ذكر لنا أن الحضب في لغة أهل اليمن الحطب ، ووجه إلقاء الأصنام في النار مع كونها جمادات لا تعقل ذلك ولا تحس به التبكيت لمن عبدها وزيادة التوبيخ لهم وتضاعف الحسرة عليهم ، وقيل إنها تحمى فتلصق بهم زيادة في تعذيبهم ، وكذلك الشمس والقمر يكونان ثورين عقيرين في النار أيضا ، كما صح بذلك خبر أبي هريرة ، أخرجه البيهقي وأصله في البخاري .

{ أنتم لها واردون } الخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا ، واللام في لها للتقوية لضعف عمل اسم الفاعل . وقيل هي بمعنى على ، والمراد بالورود هنا الدخول . قال كثير من أهل العلم : ولا يدخل في هذه الآية عيسى وعزير والملائكة ؛ لأن { ما } لما لا يعقل ، ولو أراد العموم لقال ومن تعبدون .

قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركوا مكة دون غيرهم . قال ابن عباس : لما نزلت هذه الآية قال المشركون : " فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله " فنزلت { إن الذين سبقت } الآية . وفي الباب روايات