الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو داود في ناسخه والحاكم وصححه من طرق ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } قال المشركون : فالملائكة وعيسى وعزير ، يعبدون من دون الله . فنزلت { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } عيسى وعزير والملائكة .

وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تزعم أن الله أنزل عليه هذه الآية { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } قال ابن الزبعرى : قد عبدت الشمس ، والقمر والملائكة ، وعزير وعيسى ابن مريم ، كل هؤلاء في النار مع آلهتنا ، فنزلت { ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون } [ الزخرف : 57 ] ثم نزلت { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } .

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن مردويه والطبراني من وجه آخر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } شق ذلك على أهل مكة . وقالوا : شتم الآلهة . فقال ابن الزبعرى : أنا أخصم لكم محمداً ، ادعوه لي فدعي . فقال : يا محمد ، هذا شيء لآلهتنا خاصة ؟ أم لكل عبد من دون الله ؟ قال : بل لكل من عبد من دون الله فقال ابن الزبعرى : خصمت . ورب هذه البنية ، يعني الكعبة ، ألست تزعم يا محمد ، أن عيسى عبد صالح ، وأن عزيراً عبد صالح ، وأن الملائكة صالحون ؟ قال : بلى . قال : فهذه النصارى تعبد عيسى . وهذه اليهود . تعبد عزيراً ، وهذه بنو مليح تعبد الملائكة ، فضج أهل مكة وفرحوا ! فنزلت { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } عزير وعيسى والملائكة { أولئك عنها مبعدون } ونزلت { ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون } [ الزخرف : 57 ] قال : وهو الصحيح .

وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } ثم نسختها { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } يعني عيسى ومن كان معه .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك { إنكم وما تعبدون من دون الله } يعني الآلهة ومن يعبدها .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { حصب جهنم } قال : وقودها .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { حصب جهنم } قال : شجر جهنم .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { حصب جهنم } قال : حطب جهنم بالزنجية .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { حصب جهنم } قال : حطب جهنم .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه { حصب جهنم } قال : يقذفون فيها .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { حصب جهنم } قال : حطبها . قال بعض القراء «حطب جهنم » من قراءة عائشة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك { حصب جهنم } يقول : إن جهنم تحصب بهم ، وهو الرمي : يقول : يرمي بهم فيها .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : «حضب جهنم » بالضاد .