البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

الحصب : الحطب بلغة الحبشة إذا رمى به في النار قبل وقبل أن يرمي به لا يسمى حصباً .

وقيل : الحصب ما توقد به النار .

والخطاب بقوله { إنكم وما تعبدون من دون الله } للكفار المعاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما أهل مكة ومعبوداتهم هي الأصنام .

وقرأ الجمهور { حصب } بالحاء والصاد المهملتين ، وهو ما يحصب به أي يرمى به في نار جهنم .

وقبل أن يرمي به لا يطلق عليه حصب إلا مجازاً .

وقرأ ابن السميفع وابن أبي عبلة ومحبوب وأبو حاتم عن ابن كثير بإسكان الصاد ، ورويت عن ابن عباس وهو مصدر يراد به المفعول أي المحصوب .

وقرأ ابن عباس : بالضاد المعجمة المفتوحة وعنه إسكانها ، وبذلك قرأ كثير عزة : والحضب ما يرمى به في النار ، والمحضب العود أو الحديدة أو غيرهما مما تحرك به النار .

قال الشاعر :

فلا تك في حربنا محضباً *** فتجعل قومك شتى شعوبا

وقرأ أُبي وعليّ وعائشة وابن الزبير وزيد بن علي حطب بالطاء ، وجمع الكفار مع معبوداتهم في النار لزيادة غمهم وحسرتهم برؤيتهم معهم فيها إذ عذبوا بسببهم ، وكانوا يرجون الخير بعبادتهم فحصل لهم الشر من قبلهم ولأنهم صاروا لهم أعداء ورؤية العدوّ مما يزيد في العذاب .

كما قال الشاعر :

واحتمال الأذى ورؤية جابيه *** غذاء تضنى به الأجسام

{ أنتم لها } أي للنار { واردون } الورود هنا ورود دخول