فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ} (98)

بيّن سبحانه حال معبودهم يوم القيامة فقال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } وهذا خطاب منه سبحانه لأهل مكة ، والمراد بقوله { وما تعبدون } : الأصنام التي كانوا يعبدون . قرأ الجمهور : { حصب } بالصاد المهملة ، أي وقود جهنم وحطبها ، وكل ما أوقدت به النار أو هيجتها به فهو حصب ، كذا قال الجوهري . قال أبو عبيدة : كل ما قذفته في النار فقد حصبتها به ، ومثل ذلك قوله تعالى : { فاتقوا النار التي وَقُودُهَا الناس والحجارة } [ البقرة : 24 ] . وقرأ عليّ بن أبي طالب وعائشة : «حطب جهنم » بالطاء ، وقرأ ابن عباس : «حضب » بالضاد المعجمة . قال الفراء : ذكر لنا أن الحضب في لغة أهل اليمن : الحطب ، ووجه إلقاء الأصنام في النار مع كونها جمادات لا تعقل ذلك ولا تحسّ به : التبكيت لمن عبدها وزيادة التوبيخ لهم وتضاعف الحسرة عليهم . وقيل : إنها تحمى فتلصق بهم زيادة في تعذيبهم ، وجملة : { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } إما مستأنفة أو بدل من { حصب جهنم } والخطاب لهم ولما يعبدون تغليباً ، واللام في { لها } للتقوية لضعف عمل اسم الفاعل . وقيل : هي بمعنى على ، والمراد بالورود هنا : الدخول . قال كثير من أهل العلم : ولا يدخل في هذه الآية عيسى وعزير والملائكة ، لأن { ما } لمن لا يعقل ، ولو أراد العموم لقال : ومن يعبدون . قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة دون غيرهم .

/خ112