وقوله تعالى : { ذلك الذي يبشر الله عباده } إشارة إلى قوله تعالى في الآية الأخرى : { وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً }{[10131]} .
وقرأ جمهور الناس : «يُبشِّرهم » بضم الياء وفتح الباء وشد الشين المكسورة ، وذلك على التعدية بالتضعيف . وقرأ مجاهد وحميد : «يُبْشِر » بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين على التعدية بالهمزة . قرأ ابن مسعود وابن يعمر وابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش وطلحة : «يَبشُر » بفتح الياء وضم الشين ، ورويت عن ابن كثير . وقال الجحدري في تفسيرها ترى النضرة في الوجوه .
وقوله تعالى : { قل لا أسألكم عليه إلا المودة في القربى } اختلف الناس في معناه ، فقال له ابن عباس وغيره : هي آية مكية نزلت في صدر الإسلام ومعناها استكفاف شر الكفار ودفع أذاهم أي ما أسألكم على القرآن والدين والدعاء إلى الله إلا أن تودوني لقرابة هي بيني وبينكم فتكفوا عني أذاكم .
قال ابن عباس وابن إسحاق وقتادة : ولم يكن في قريش بطن إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه نسب أو صهر{[10132]} ، فالآية على هذا هي استعطاف ما ، ودفع أذى وطلب سلامة منهم ، وذلك كله منسوخ بآية السيف ، ويحتمل على هذا التأويل أن يكون معنى الكلام استدعاء نصرهم ، أي لا أسألكم غرامة ولا شيئاً إلا أن تودوني لقرابتي منكم وأن تكونوا أولى بي من غيركم . وقال مجاهد : المعنى إلا أن تصلوا رحمي باتباعي . وقال ابن عباس أيضاً ما يقتضي أنها مدنية ، وسببها أن قوماً من شباب الأنصار فاخروا المهاجرين ومالوا بالقول على قريش ، فنزلت الآية في ذلك على معنى إلا أن تودوني فتراعونني في قرابتي وتحفظونني فيهم ، وقال بهذا المعنى في الآية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيراً ، وهو تأويل ابن جبير وعمرو بن شعيب ، وعلى هذا التأويل قال ابن عباس ، قيل يا رسول الله ، من قرابتك الذين أُمرنا بمودتهم ؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما{[10133]} ، وقيل هو ولد عبد المطلب .
قال القاضي أبو محمد : وقريش كلها عندي قربى وإن كانت تتفاضل ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من مات على حب آل محمد مات شهيداً ، ومن مات على بغضهم لم يشم رائحة الجنة »{[10134]} وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي : سبب هذه الآية أن الأنصار جمعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً وساقته إليه فرده عليهم ونزلت الآية في ذلك . وقال ابن عباس أيضاً ، معنى الآية : من قربى الطاعة والتزلف إلى الله تعالى : كأنه قال : إلا أن تودوني ، لأني أقربكم من الله ، وأريد هدايتكم وأدعوكم إليها . وقال الحسن بن أبي الحسن معناه : إلا أن يتوددوا إلى الله بالتقرب إليه . وقال عبد الله بن القاسم في كتاب الطبري معنى الآية : إلا أن تتوددوا بعضكم إلى بعض وتصلوا قراباتكم ، فالآية على هذا أمر بصلة الرحم . وذكر النقاش عن ابن عباس ومقاتل والكلبي والسدي أن الآية منسوخة بقوله تعالى في سورة سبأ { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم }{[10135]} والصواب أنها محكمة ، وعلى كل قول فالاستثناء منقطع ، و : { إلا } بمعنى : لكن{[10136]} . و : { يقترف } معناه يكتسب ، ورجل قرفة : إذا كان محتالاً كسوباً .
وقرأت فرقة «يزد » على إسناد الفعل إلى الله تعالى ، وقرأ جمهور الناس : «نزد » على نون العظمة ، وزيادة الحسن هو التضعيف الذي وعد الله تعالى به مؤمني عباده ، قاله الحسن بن أبي الحسن . و : { غفور } معناه : ساتر عيوب عبيده . و : { شكور } معناه : مجاز على الدقيقة من الخير لا يضيع عنده لعامل عمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.