قوله تعالى : { وإذا أذقنا الناس } ، يعني : الكفار ، { رحمة من بعد ضراء } ، أي : راحة ورخاء من بعد شدة وبلاء ، وقيل : القطر بعد القحط ، { مستهم } ، أي : أصابتهم ، { إذا لهم مكر في آياتنا } ، قال مجاهد : تكذيب واستهزاء . وقال مقاتل بن حيان : لا يقولون : هذا رزق الله ، إنما يقولون : سقينا بنوء كذا ، وهو قوله : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } [ الواقعة-82 ] . { قل الله أسرع مكرا } ، أعجل عقوبة وأشد أخذا وأقدر على الجزاء ، يريد عذابه في إهلاككم أسرع إليكم مما يأتي منكم في دفع الحق ، { إن رسلنا } ، حفظتنا ، { يكتبون ما تمكرون } ، وقرأ يعقوب : يمكرون بالياء .
وقوله { وإذا أذقنا الناس } الآية ، المراد ب { الناس } في هذه الآية الكفار وهي بعد تتناول من العاصين من لا يؤدي شكر الله تعالى عند زوال المكروه عنه ولا يرتدع بذلك عن معاصيه ، وذلك في الناس كثير ، و «الرحمة » هنا بعد الضراء ، كالمطر بعد القحط والأمن بعد الخوف والصحة بعد المرض ونحو هذا مما لا ينحصر ، و «المكر » الاستهزاء والطعن عليها من الكفار واطراح الشكر والخوف من العصاة ، ووصف مكر الله بالسرعة وإن كان الاستدراج بمهلهم لأنه متيقن به واقع لا محالة ، وكل آت قريب ، قال أبو حاتم : قرأ الناس «أن رسُلنا » بضم السين ، وخفف السين الحسن وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ، وقال أبو علي { اسرع } من سرع ولا يكون من أسرع يسرع ، قال ولو كان من أسرع لكان شاذاً .
قال القاضي أبو محمد : وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نار جهنم «لهي أسود من القار »{[6053]} وما حفظ للنبي صلى الله عليه وسلم فليس بشاذ{[6054]} . وقرأ الحسن والأعرج ونافع وقتادة ومجاهد «تمكرون » بتاء على المخاطبة وهي قراءة أهل مكة وشبل وأبي عمرو وعيسى وطلحة وعاصم والأعمش والجحدري وأيوب بن المتوكل [ وقرأ الحسن ، وقتادة ، ومجاهد ]{[6055]} ، ورويت أيضر عن نافع والأعرج ، قال أبو حاتم : قال أيوب بن المتوكل : في مصحف أبيّ «يا أيها الناس إن الله أسرع مكراً وإن رسله لديكم يكتبون ما تمكرون »{[6056]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.