قوله تعالى : { ورسولا } أي ونجعله رسولاً .
قوله تعالى : { إلى بني إسرائيل } . قيل كان رسولاً في حال الصبا ، وقيل : إنما كان رسولاً بعد البلوغ ، وكان أول أنبياء بني إسرائيل يوسف ، وآخرهم عيسى عليهما السلام ، فلما بعث قال :
قوله تعالى : { أني } . قال الكسائي : إنما فتح لأنه أوقع الرسالة عليه ، وقيل : معناه بأني .
قوله تعالى : { قد جئتكم بآية } علامة .
قوله تعالى : { من ربكم } تصدق قولي وإنما قال بآية وقد أتى بآيات لأن الكل دل على شيء واحد وهو صدقه في الرسالة ، فلما قال ذلك عيسى عليه السلام لبني إسرائيل قالوا : وما هي ؟ قال :
قوله تعالى : { أني } . قرأ نافع بكسر الألف على الاستئناف ، وقرأ الباقون بالفتح على معنى أني .
قوله تعالى : { أخلق } أي أصور وأقدر .
قوله تعالى : { لكم من الطين كهيئة الطير } . قرأ أبو جعفر : كهيئة الطائر ها هنا وفي المائدة ، والهيئة : الصورة المهيأة من قولهم : هيأت الشيء إذا قدرته وأصلحته .
قوله تعالى : { فأنفخ فيه } أي في الطير .
قوله تعالى : { فيكون طيراً بإذن الله } . قراءة الأكثرين بالجمع لأنه خلق طيراً كثيراً ، وقرأ أهل المدينة ويعقوب : فيكون طائراً على الواحد ها هنا ، وفي سورة المائدة ذهبوا إلى نوع واحد من الطير لأنه لم يخلق غير الخفاش ، وإنما خص الخفاش لأنه أكمل الطير خلقاً ، لأن لها ثدياً وأسناناً وهي تحيض .
قال وهب : كان يطير مادام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتاً ليتميز فعل الخلق من فعل الخالق ، وليعلم أن الكمال لله عز وجل .
قوله تعالى : { وأبرئ الأكمه والأبرص } أي أشفيهما وأصححهما ، واختلفوا في الأكمه قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة : هو الذي ولد أعمى ، وقال الحسن والسدي : هو الأعمى ، وقال عكرمة : هو الأعمش ، وقال مجاهد ، هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ، والأبرص هو الذي به وضح ، وإنما خص هذين لأنهما داءان عياءان ، وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام الطب ، فأراهم المعجزة من جنس ذلك . قال وهب : ربما اجتمع عند عيسى عليه السلام من المرضى في اليوم الواحد خمسون ألفاً ، من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ، ومن لم يطق مشى إليه عيسى عليه السلام ، وكان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان .
قوله تعالى : { وأحيي الموتى بإذن الله } . قال ابن عباس رضي الله عنهما قد أحيا أربعة أنفس ، عازر ، وابن العجوز ، وابنة العاشر ، وسام بن نوح ، فأما عازر فكان صديقاً له ، فأرسلت أخته إلى عيسى عليه السلام أن أخاك عازر يموت ، وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام ، فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام ، فقال لأخته : انطلقي بنا إلى قبره ، فانطلقت معهم إلى قبره ، فدعا الله تعالى فقام عازر وودكه يقطر ، فخرج من قبره وبقي وولد له . وأما ابن العجوز فإنه مر به ميتاً على عيسى عليه السلام على سرير يحمل ، فدعا الله عيسى فجلس على سريره ، ونزل على أعناق الرجال ، ولبس ثيابه ، وحمل السرير على عنقه ، ورجع إلى أهله ، فبقي وولد له . وأما ابنة العاشر : فكان والدها رجلاً يأخذ العشور ، ماتت له بنت بالأمس فدعا الله عز وجل فأحياها ، وبقيت وولدت ، وأما سام بن نوح عليه السلام ، فإن عيسى عليه السلام جاء إلى قبره فدعا باسم الله الأعظم ، فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه خوفاً من قيام الساعة ، ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان ، فقال : قد قامت القيامة ؟ قال لا ، ولكن دعوتك باسم الله الأعظم ، ثم قال له : مت قال : بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل .
قوله تعالى : { وأنبئكم } أخبركم .
قوله تعالى : { بما تأكلون } مما لم أعاينه .
قوله تعالى : { وما تدخرون } ترفعونه .
قوله تعالى : { في بيوتكم } حتى تأكلوه ، وقيل : كان يخبر الرجل بما أكل البارحة ، وبما يأكل اليوم ، وبما ادخره للعشاء . وقال السدي : كان عيسى عليه السلام في الكتاب يحدث الغلمان بما يصنع آباؤهم ويقول : للغلام : انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا ، ورفعوا لك كذا وكذا ، فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي عليهم حتى يعطوه ذلك الشيء فيقولون من أخبرك بهذا ؟ فيقول : عيسى عليه السلام ، فحبسوا صبيانهم عنه ، وقالوا : لا تلعبوا مع هذا الساحر ، فجمعوهم في بيت ، فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم ، فقالوا : ليسوا هاهنا ، فقال : فما في هذا البيت ؟ قالوا : خنازير ، قال عيسى ، كذلك يكونون ، ففتحوا عليهم فإذا هم خنازير ، ففشا ذلك في بني إسرائيل ، فهمت به بنو إسرائيل فلما خافت عليه أمه حملته على حمار لها ، وخرجت هاربة منهم إلى مصر ، وقال قتادة : إنما كان هذا في المائدة ، وكان خواناً ينزل عليهم أينما كانوا كالمن والسلوى ، وأمروا أن لا يخونوا ولا يخبئوا للغد ، فخانوا وخبأوا للغد ، فجعل عيسى يخبرهم بما أكلوا من المائدة ، وبما ادخروا منها ، فمسخهم الله خنازير .
{ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم } منصوب بمضمر على إرادة القول تقديره : ويقول أرسلت رسولا بأني قد جئتكم ، أو بالعطف على الأحوال المتقدمة مضمنا معنى النطق فكأنه قال : وناطقا بأني قد جئتكم ، وتخصيص بني إسرائيل لخصوص بعثته إليهم أو للرد على من زعم أنه مبعوث إلى غيرهم . { أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير } نصب بدل من أني قد جئتكم ، أو جر بدل من آية ، أو رفع على هي أني أخلق لكم والمعنى : أقدر لكم وأصور شيئا مثل صورة الطير ، وقرأ نافع { إني } بالكسر { فأنفخ فيه } الضمير للكاف أي في ذلك الشيء المماثل . { فيكون طيرا بإذن الله } فيصير حيا طيارا بأمر الله ، نبه به على أن إحياءه من الله تعالى لا منه . وقرأ نافع هنا وفي المائدة " طائرا " بالألف والهمزة . { وأبرئ الأكمه والأبرص } الأكمه الذي ولد أعمى أو الممسوح العين . روي : أن ربما كان يجتمع عليه ألوف من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى عليه الصلاة والسلام وما يداوي إلا بالدعاء . { وأحيي الموتى بإذن الله } كرر بإذن الله دفعا لتوهم الألوهية ، فإن الإحياء ليس من جنس الأفعال البشرية . { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } بالمغيبات من أحوالكم التي لا تشكون فيها . { إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } موفقين للإيمان فإن غيرهم لا ينتفع بالمعجزات ، أو مصدقين للحق غير معاندين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.