معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العصر

مكية ، وآياتها ثلاث .

{ والعصر } قال ابن عباس : والدهر . قيل : أقسم الله به ؛ لأن فيه عبرة للناظر . وقيل : معناه ورب العصر ، وكذلك في أمثاله . وقال ابن كيسان : أراد بالعصر الليل والنهار ، يقال لهما : العصران . وقال الحسن : من بعد زوال الشمس إلى غروبها . وقال قتادة : آخر ساعة من ساعات النهار . وقال مقاتل : أقسم بصلاة العصر ، وهي الصلاة الوسطى .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

لما كانت لذة هذه الدنيا الظاهرة التنعم بما فيها من المتاع ، وكان الإنسان مسؤولاً بما شهد به ، ختم التكاثر عن ذلك النعيم متوعداً برؤية الجحيم ، فكان ساكن هذه الدار على غاية الخطر ، فكان نعيمه في غاية الكدر ، قال دالاًّ على ذلك بأن أكثر الناس هالك ، مؤكداً بالقسم والأداة لما للأغلب من التكذيب لذلك ، إما بالقال أو بالحال : { والعصر * } أي الزمان الذي خلق فيه أصله آدم عليه الصلاة والسلام ، وهو في عصر يوم الجمعة كما ورد في الحديث الصحيح في مسلم ، أو الصلاة الوسطى ، أو وقتها الذي هو زمان صاحب هذا الشرع الذي مقداره فيما مضى من الزمان بمقدار وقت العصر من النهار أو بعضه ، أو زمان كل أحد الذي هو الخلاصة بالنسبة إليه ، تنبيهاً له على نفاسته ، إشارة إلى اغتنام إنفاقه في الخير إشفاقاً من الحشر ، أو وقت الأصيل ؛ لأنه أفضله بما يحويه من الفراغ من الأشغال واستقبال الراحة والحصول على فائدة ما أنفق فيه ذلك النهار ، وبما دل عليه من طول الساعة وربح من كان له فيها بضاعة باختتام الأعمال وتقوض النهار ، والدال على البعث ، أو جميع الدهر الذي أوجد فيه سبحانه وتعالى المخلوقات ، وقدر فيه المقدورات بما ظهر فيه من العجائب الدالة على ما لله تعالى من العز والعظمة الداعي إلى صرف الهمة إليه وقصرها عليه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، وآياتها ثلاث .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والعصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .

هذه السورة القصيرة في آياتها ، القليلة في كلماتها ، مثال على روعة القرآن وكمال معناه . لا جرم أن هذه السورة بعظيم اتساقها وترابطها ، وقوة مبناها ، وفخامة ألفاظها وحروفها ، وحلاوة نظمها ، وما هي عليه من سمو المعنى وجليل المقصود ، لهي برهان ساطع يكشف عن حقيقة هذا الكتاب الحكيم ، وأنه المعجز الفذ الذي لا يضاهى ولا يعارض .

لقد ذكر أن عمرو بن العاص- وكان مشركا - وفد على مسيلمة الكذاب بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبل أن يسلم عمرو ، فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة ؟ فقال : لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة . فقال : وما هي ؟ فقال : { والعصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } ففكر مسيلمة هنيهة ثم قال : وقد أنزل علي مثلها ، فقال له عمرو : وما هو ؟ فقال : يا وبر . إنما أنت أذنان وصدر . وسترك حفر نقر . ثم قال : كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب . والوبر ، دويبة تشبه الهرّ أعظم شيء فيه أذناه ، وصدره .

ذلك من هذيان هذا الكاذب الأفّاك مسيلمة ، يريد به معارضة القرآن الكريم في كمال نظمه ، وجمال أسلوبه ، وسمو معناه ، وإشراق كلماته وحروفه ، لكن تخريصه المصطنع لم يرج على عمرو بن العاص إبان شركه وعبادته الأوثان في ذلك الزمان .

قوله : { والعصر } يقسم الله بالعصر ، وهو الدهر ، أو الزمان بأيامه ولياليه ، وما يجري خلاله من مختلف التصرفات والأحوال ، وتبدل الظروف والأحداث ، وفي ذلك من الدلالة على قدرة الصانع ما لا يخفى . وقيل : المراد بالعصر صلاة العصر .