فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

( 103 ) سورة العصر مكية

وآياتها ثلاث

كلماتها : 14 . حروفها : 68

{ والعصر } والزمان والدهر .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والعصر ( 1 ) إن الإنسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( 3 ) } .

أقسم الله تعالى بالدهر ربما لما فيه من تبدل الأحوال ، وفي تصرفها وتقلب شئونها دليل على الاقتدار ، وبرهان على حكمة الفاعل المختار ، الواحد القهار ، وفي ذلك جاءت الحجة والسلطان ، يعقلهما من هدي إلى التفكير والاستبصار ، يقول تبارك اسمه : { يقلب الله الليل والنهار . إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار }{[13025]} ، ولهذا جاء في الحديث القدسي عن رب العزة : " لا تسبوا الدهر ، فإني أنا الدهر ، بيدي الأمر أصرف ليله ونهاره ) وفي رواية : " أقلب ليله ونهاره " . عن الحسن وغيره : العصران : الغداة والعشي ؛ وعن قتادة : هو آخر ساعة من ساعات النهار ، وقيل : هو قسم بصلاة العصر ، وهي الوسطى ؛ لأنها أفضل الصلوات ، قاله مقاتل . . . وفي الصحيح : " الصلاة الوسطى صلاة العصر . . " -{[13026]} [ وفي تخصيص القسم به إشارة إلى أن الإنسان يضيف المكاره والنوائب إليه ، ويحيل شقاءه وخسرانه عليه ، فإقسام الله تعالى به دليل على شرفه ، وأن الشقاء والخسران إنما لزم الإنسان لعيب فيه لا في الدهر ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " {[13027]} .


[13025]:- سورة النور. الآيتان: 44/ 45.
[13026]:- ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن؛ أقول: وفي الحديث كذلك: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله).
[13027]:- ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن.