السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وروي عن ابن عباس وعبادة أنها مدنية ، وهي ثلاث آيات ، وأربع عشرة كلمة ، وثمانية وستون حرفاً .

{ بسم الله } الذي كل شيء هالك إلا وجهه { الرحمن } الذي عمّ الوجود بإنعامه ، فليس شيء شبهه { الرحيم } الذي أعز أولياءه ، فكانوا للدّهر غرّة ، ولأهله جبهة .

وقوله تعالى : { والعصر } قسم ، واختلف في المراد به . فقال ابن عباس : والدهر أقسم به لأنّ فيه عبرة للناظر بتصرّف الأحوال وتبدلها ، وما فيها من الدلالة على الصانع . وقيل : معناه ورب العصر ، ومرّ الكلام في أمثاله . وقال ابن كيسان : أراد بالعصر الليل والنهار ، يقال لهما : العصران ، وقال الحسن : بعد زوال الشمس إلى غروبها ، وقال قتادة : آخر ساعة من ساعات النهار . وقال مقاتل : أقسم بصلاة العصر ، وهي الصلاة الوسطى ، وهذا أشبه ، قال صلى الله عليه وسلم :«من فاتته الصلاة الوسطى فكأنما وتر أهله وماله » ، ولأنّ التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار ، واشتغالهم بعشائهم .

ونقل ابن عادل عن مالك أنّ من حلف أن لا يكلم الرجل عصراً لم يكلمه سنة . قال ابن العربيّ : إنما حمل مالك يمين الحالف على السنة ؛ لأنه أكثر ما قيل فيه . ونقل عن الشافعي : يبرّ بساعة ، إلا أن تكون له نية .