البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العصر

هذه السورة مكية في قول ابن عباس وابن الزبير والجمهور ، ومدنية في قول مجاهد وقتادة ومقاتل . لما قال فيما قبلها : { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ }

ووقع التهديد بتكرار { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }

بين حال المؤمن والكافر .

{ والعصر } ، قال ابن عباس : هو الدهر ، يقال فيه عصر وعصر وعصر ؛ أقسم به تعالى لما في مروره من أصناف العجائب .

وقال قتادة : العصر : العشي ، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة .

وقيل : العصر : اليوم والليلة ، ومنه قول حميد بن ثور :

ولن يلبث العصران يوم وليلة *** إذا طلبا أن يدركا ما تيمما

وقيل : العصر بكرة ، والعصر عشية ، وهما الأبردان ، فعلى هذا والقول قبله يكون القسم بواحد منهما غير معين .

وقال مقاتل : العصر : الصلاة الوسطى ، أقسم بها .

وبهذا القول بدأ الزمخشري قال : لفضلها بدليل قوله تعالى { والصلاة الوسطى } صلاة العصر ، في مصحف حفصة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله » ،

لأن التنكيف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم وتحاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم ، انتهى .

وقرأ سلام : والعصر بكسر الصاد ، والصبر بكسر الباء .

قال ابن عطية : وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة .

وفي الكامل للهزلي : والعصر ، والصبر ، والفجر ، والوتر ، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها هارون وابن موسى عن أبي عمرو ؛ والباقون : بالإسكان كالجماعة ، انتهى .