محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

103- سورة العصر

مكية ، وقيل : مدنية ، وآيها ثلاث .

{ والعصر } أي الدهر . أقسم الله به لانطوائه على تعاجيب الأمور القارة والمارة . ولذا قيل له : ( أبو العجب ) ، ولأنه بما فيه من النعم وأضدادها ، فينبه الإنسان على أنه مستعد للخسران والسعادة ، وللتنويه به والتعظيم من شأنه ، تعريضا ببراءته مما يضاف إليه من الخسران والذم . كما قيل :

يعيبون الزمان وليس فيه *** معايب غير أهل للزمان

وجوز أن يراد بالعصر الوقت المعروف الذي يجب فيه صلاة العصر .

قال الإمام : كان من عادة العرب أن يجتمعوا وقت العصر ، ويتحادثوا ويتذاكروا في شؤونهم . وقد يكون في حديثهم ما لا يليق أو ما يؤذي به بعضهم بعضا ، فيتوهم الناس أن الوقت المذموم ، فأقسم الله به لينبهك إلى أن الزمان في نفسه ليس مما يذم ويسب ، كما اعتاد الناس أن يقولوا :( زمان مشؤوم ) ، و( وقت نحس ) ، و( دهر سوء ) ، وما يشبه ذلك ؛ بل هو عاد للحسنات كما هو عاد للسيئات . وهو ظرف لشؤون الله الجليلة من خلق ورزق وإعزاز وإذلال وخفض ورفع ، فكيف يذم في ذاته ، وإنما قد يذم ما يقع فيه من الأفاعيل الممقوتة .