قوله تعالى : { والعصر } . قرأ العامة : بسكون الصاد ، وسلام : «والعَصِر » بكسرها ، و«الصَّبْرِ » بكسر الباء .
قال ابن عطية{[60797]} : «وهذا لا يجوز ، إلا في الوقف على نقل الحركة » .
وروي{[60798]} عن أبي عمرو : «بالصبْر » بسكون الباء إشماماً ، وهذا أيضاً لا يجوز إلا في الوقف ، انتهى .
ونقل هذه القراءة جماعة كالهذلي ، وأبي الفضل الرازي ، وابن خالويه .
قال الهذلي : «والعصر ، والصبر ، والفجر ، والوتر ، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها : هارون ، وابن موسى عن أبي عمرو ، والباقون : بالإسكان ، كالجماعة » انتهى .
فهذا إطلاق منه لهذه القراءة في حالتي الوقف والوصل .
قال ابن خالويه : «وتواصوا بالصبر » بنقل الحركة عن أبي عمرو .
قال ابن خالويه : [ وقال صاحب «اللوامح » : وعيسى البصرة : ] {[60799]} «بالصبر » بنقل حركة الراء إلى الباء ، لئلا يحتاج أن يأتي ببعض الحركة في الوقف ، ولا إلى أن يسكن ، فيجمع بين ساكنين ، وذلك لغة شائعة ، وليست بشاذة ؛ بل مستفيضة ، وذلك دلالة على الإعراب ، وانفصال عن التقاء الساكنين ، وتأدية حق الموقوف عليه من السكون . انتهى . فهذا يؤذن بما ذكر ابن عطية ، أنه كان ينبغي ذلك . وأنشدوا على ذلك : [ الرجز ]
5296- *** واعْتقَالاً بالرِّجِلْ{[60800]} ***
5297- أنَا جَريرٌ كُنيَتِي أبُو عَمِرْ *** أضْرِبُ بالسَّيْفِ وسعْدٌ بالقَصِرْ{[60801]}
والنقل جائز في الضم كقوله شعر :
*** إذ جد النَّقُرْ{[60802]} ***
وله شروط : «والعقد » الليلة واليوم قال : [ الطويل ]
5298- ولَنْ يَلْبثِ العقْدانِ : يَومٌ ولَيْلةٌ *** إذَا طَلَبَا أنْ يُدْرِكَا تَيَمَّمَا{[60803]}
قال ابن عباس وغيره : «والعصر » أي : الدهر ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]
5299- سَيْلُ الهَوَى وعْرٌ وبَحْرُ الهَوَى غَمْرٌ *** ويَوْمُ الهَوَى شَهْرٌ وشَهْرُ الهَوَى دَهْرُ{[60804]}
أقسم الله - تعالى - بالعصرِ لما فيه من الاعتبار للناظر بتصرف الأحوال وبتبدلها ، وما فيها من الأدلة على الصانع ، والعصران أيضاً الغداة والعشي ، قال : [ الطويل ]
5300- وأمْطُلُهُ العَصْرَيْن حتَّى يَملَّنِي*** ويَرْضَى بنِصْفِ الدِّيْن والأنْفُ رَاغِمُ{[60805]}
يقول : إذا جاءني أول النهار وعدته آخره .
وقيل : إنه العشي ، وهو ما بين الزوال والغروب . قاله الحسن وقتادة .
5301- تَروَّحْ بِنَا يا عَمْرُو قَدْ قَصُرَ العَصرُ *** وفي الرَّوحةِ الأولَى الغَنِيمةُ والأَجْرُ{[60806]}
وعن قتادة : هو آخر ساعة من النهار ، فأقسم سبحانه بأحد طرفي النهار كما أقسم بالضحى ، وهو أحد طرفي النَّهارِ{[60807]} ، قاله أبو مسلم .
وقيل : هو قسم بصلاة العصر ، وهي الوسطى ؛ لأنها أفضل الصلوات ، قاله مقاتل .
قال صلى الله عليه وسلم : «الصَّلاةُ الوُسْطَى ، صلاةُ العَصْرِ »{[60808]} .
وقيل : أقسم بعصر النبي صلى الله عليه وسلم لفضله بتجديد النبوة فيه .
قال مالك رضي الله عنه : من حلف ألاَّ يكلم رجلاً عصراً ، لم يكلمه سنة .
قال ابن العربي : [ إنما حمل مالك يمين الحالف ألا يكلم امرءاً عصراً على السنة ؛ لأنه أكثر ما قيل فيه ، وذلك على أصله في تغليظ ]{[60809]} المعنى في الأيمان .
وقال الشافعي : يبر بساعة ، إلا أن تكون له نيّة ، وبه أقول ، إلا أن يكون الحالف عربياً ، فيقال له : ما أردت ؟ فإذا فسره بما يحتمله قبل منه إلا أن يكون الأقل ، ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.