معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

{ ما أغنى عنه ماله وما كسب } قال ابن مسعود : لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه إلى الله عز وجل قال أبو لهب : إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فإني أفتدي نفسي بمالي وولدي ، فأنزل الله تعالى : { ما أغنى عنه ماله } أي ما يغني ، وقيل : أي شيء يغني عنه ماله ، أي : ما يدفع عنه عذاب الله ما جمع من المال ، وكان صاحب مواش ، { وما كسب } قيل : يعني ولده ؛ لأن ولد الإنسان من كسبه ، كما جاء في الحديث : " أطيب ما يأكل أحدكم من كسبه ، وإن ولده من كسبه " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

وقوله : { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } قال ابن عباس وغيره : { وَمَا كَسَبَ } يعني : ولده . وَرُوي عن عائشة ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وابن سيرين ، مثله .

وذكر عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه إلى الإيمان ، قال أبو لهب : إذا كان ما يقول ابن أخي حقا ، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي ، فأنزل الله : { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

وقوله : { ا أغْنَى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ } يقول تعالى ذكره : أيّ شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه { وَما كَسَبَ وهم ولده } . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل لذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن داود بن محمد المنكدِر ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خيثم ، عن أبي الطفيل ، قال : جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كفّ بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهُذَليّ ، عن محمد بن سفيان ، عن رجل من بني مخزوم ، عن ابن عباس ، أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون ، فجعل يحجُز بينهم ويقول : هؤلاء مما كسب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { ما أغْنَى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ } قال : ما كسب ولده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { وَما كَسَبَ } قال : ولده هم من كسبه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله وَما كَسَبَ قال : ولده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

وقوله تعالى : { ما أغنى عنه ماله وما كسب } يحتمل أن تكون { ما } نافية ، ويكون الكلام خبراً عن أن جميع أحواله الدنياوية لم تغن عنه شيئاً حين حتم عذابه بعد موته ، ويحتمل أن تكون { ما } استفهاماً على وجه التقرير ، أي أين الغناء الذي لماله ولكسبه ؟ { وما كسب } : يراد به عرض الدنيا من عقار ونحوه ، أو ليكون الكلام دالاً على أنه أتعب فيه نفسه ، لم يجئه عفوا ، لا بميراث وهبة ونحوه ، وقال كثير من المفسرين : المراد ب { ما كسب } بنوه ، فكأنه قال : { ما أغنى عنه ماله } وولده ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير ما كسب الرجل من عمل يده ، وإن ولد الرجل من كسبه{[12018]} " ، وروي أن أولاد أبي لهب اختصموا عند ابن عباس فتنازعوا وتدافعوا ، فقام ابن عباس ليحجز بينهم ، فدفعه أحدهم ، فوقع على فراشه ، وكان قد كف بصره فغضب وصاح : أخرجوا عني الكسب الخبيث ، وقرأ الأعمش وأبي بن كعب : «وما اكتسب » .


[12018]:أخرج احمد في مسنده أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي مالا وولدا وإن والدي يريد أن يجتاح مالي، قال: (أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم)، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه. وقد خرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

استئناف ابتدائي للانتقال من إنشاء الشتم والتوبيخ إلى الإِعلام بأنه آيس من النجاة من هذا التباب ، ولا يغنيه ماله ، ولا كسبه ، أي لا يغني عنه ذلك في دفع شيء عنه في الآخرة .

والتعبير بالماضي في قوله : { ما أغنى } لتحقيق وقوع عدم الإِغناء .

و { ما } نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية للتوبيخ والإِنكار .

والمال : الممتلكات المتمولة ، وغلب عند العرب إطلاقه على الإِبل ، ومن كلام عمر : « لولاَ المال الذي أحمل عليه في سبيل الله » الخ في اتقاء دعوة المظلوم ، من « الموطأ » ، وقال زهير :

صحيحات مالٍ طالعات بمخرَم

وأهل المدينة وخيبر والبحرين يغلب عندهم على النخيل ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } في سورة النساء ( 29 ) وفي مواضع .

{ وما كسب } موصول وصلته والعائد محذوف جوازاً لأنه ضمير نصب ، والتقدير : وما كسبه ، أي ما جمعه . والمراد به : ما يملكه من غير النعَم من نقود وسلاح وربْع وعُروض وطعام ، ويجوز أن يراد بماله : جميع ماله ، ويكون عطف { وما كسب } من ذكر الخاص بعد العام للاهتمام به ، أي ما أغنى عنه ماله التالد وهو ما ورثه عن أبيه عبد المطلب وما كسبه هو بنفسه وهو طريفُه .

وروي عن ابن مسعود أن أبا لهب قال : « إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فأنا أفتدي نفسي يوم القيامة بمالي وولدي » فأنزل الله : { ما أغنى عنه ماله وما كسب } وقال ابن عباس : { ما كسب } هو ولده فإن الولد من كسب أبيه .