النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ} (2)

{ ما أَغْنَى عَنْه مالُه وما كَسَب } في قوله " ما أغنى عنه " وجهان :

أحدهما : ما دفع عنه .

الثاني : ما نفعه ، قاله الضحاك .

وفي { مالُه } وجهان :

أحدهما : أنه أراد أغنامه ؛ لأنه كان صاحب سائمة ، قاله أبو العالية .

الثاني : أنه أراد تليده وطارفه ، والتليد : الموروث ، والطارف : المكتسب .

وفي قوله { وما كَسَبَ } وجهان :

أحدهما : عمله الخبيث ، قاله الضحاك .

الثاني : ولده ، قاله ابن عباس .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أولادكم من كسبكم{[3365]} "

وكان ولده عتبة بن أبي لهب مبالغاً في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم كأبيه ، فقال حين نزلت { والنجم إذا هوى } : كفرت بالنجم إذا هوى ، وبالذي دنا فتدلى ، وتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج إلى الشام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " ، فأكله الأسد{[3366]} .

وفيما لم يغن عنه ماله وما كسب وجهان :

أحدهما : في عداوته النبي صلى الله عليه وسلم .

الثاني : في دفع النار عنه يوم القيامة .


[3365]:هذا الحديث روته عائشة، وخرجه أبو داود، وأوله: أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه.
[3366]:في الأصل: الذئب، وهو سهو. وقد سبق أن ذكر المؤلف في سورة النجم أنه الأسد وكذا في كتب السيرة.