معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

قوله تعالى : { ويذهب غيظ قلوبهم } ، كربها ، ووجدها بمعونة قريش بني بكر عليهم ، ثم قال مستأنفاً : " ويتوب الله على من يشاء " ، فيهديه إلى الإسلام كما فعل بأبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل ، و سهيل بن عمرو .

قوله تعالى : { لله عليم حكيم } . روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة : " ارفعوا السيف إلا خزاعة من بني بكر إلى العصر " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ )

يشفها من غيظها المكظوم ، بانتصار الحق كاملا ، وهزيمة الباطل ، وتشريد المبطلين . .

وليس هذا وحده ولكن خيرا آخر ينتظر وثوابا آخر ينال :

( ويتوب الله على من يشاء ) . .

فانتصار المسلمين قد يرد بعض المشركين إلى الإيمان ، ويفتح بصيرتهم على الهدى حين يرون المسلمين ينصرون ، ويحسون أن قوة غير قوة البشر تؤيدهم ، ويرون آثار الإيمان في مواقفهم - وهذا ما كان فعلا - وعندئذ ينال المسلمون المجاهدون أجر جهادهم ، وأجر هداية الضالين بأيديهم ؛ وينال الإسلام قوة جديدة تضاف إلى قوته بهؤلاء المهتدين التائبين :

( والله عليم حكيم ) .

عليم بالعواقب المخبوءة وراء المقدمات . حكيم يقدر نتائج الأعمال والحركات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

{ ويُذهب غيظ قلوبهم } لما لقوا منهم وقد أوفى الله بما وعدهم والآية من المعجزات . { ويتوب الله على من يشاء } ابتداء إخبار بأن بعضهم يتوب عن كفره وقد كان ذلك أيضا ، وقرئ { ويتوب } بالنصب على إضمار أن على أنه من جملة ما أجيب به الأمر فإن القتال كما تسبب لتعذيب قوم تسبب لتوبة قوم آخرين . { والله عليم } بما كان وما سيكون . { حكيم } لا يفعل ولا يحكم إلا على وفق الحكمة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

وقرأ جمهور الناس «ويُذهب غيظ قلوبهم » على إسناد الفعل إلى الله عز وجل ، وقرأت فرقة «ويَذهب غيظ قلوبهم » على إسناد الفعل إلى الغيظ ، وقرأ جمهور الناس «يتوبُ » بالرفع على القطع مما قبله ، والمعنى أن الآية استأنفت الخبر بأنه قد يتوب على بعض هؤلاء الكفرة الذين أمر بقتالهم ، قال أبو الفتح : وهذا أمر موجود سواء قوتلوا أو لم يقاتلوا ، فلا وجه لإدخال التوبة في جواب الشرط الذي في { قاتلوهم } على قراءة النصب ، وإنما الوجه الرفع على الاستئناف والقطع ، وقرأ الأعرج وابن أبي إسحاق وعيسى الثقفي وعمرو بن عبيد وأبو عمرو فيما روي عنه «ويتوبَ » بالنصب على تقدير وأن يتوب ، ويتوجه ذلك عندي إذا ذهبت إلى أن التوبة إنما يراد بها هنا أن قتل الكافرين والجهاد في سبيل الله هو توبة لكم أيها المؤمنون وكمال لإيمانكم ، فتدخل التوبة على هذا في شرط القتال{[5551]} ، و { عليم حكيم } صفتان نسبتهما إلى الآية واضحة .


[5551]:- بدأت الآية الكريمة بأمر هو (قاتلوهم)، وبعده جوابه (يعذبهم الله)، وفي الأمر معنى الشرط، والتقدير: إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، ثم جاء بعد الجواب قوله (ويخزهم)، و(ينصركم عليهم)، و(يشف صدور قوم)، (ويذهب غيظ قلوبهم)- وكلها مجزومة بالعطف على [يعذب]، ويجوز فيها كلها الرفع على القطع من الأول والاستئناف، ويجوز النصب على إضمار (أن) وهو ما يسمى الصرف عند الكوفيين، وعليه قول الشاعر: فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والشهر الحرام ونأخذ بعده بذناب عـيش أجبّ الظهر ليس له سنام وإن شئت رفعت (نأخذ) على القطع، وإن شئت نصبته. لكن جاءت بعد ذلك جملة {ويتوب الله} والقراءة فيها بالرفع على الاستئناف، ولا يجوز الجزم لأنه ليس من جنس الأول، لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله كما أوجب لهم العذاب والخزي، وكما أوجب شفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظهم، ونظير قوله تعالى: {فإن يشإ الله يختم على قلبك} فقد تم الكلام، ثم قال سبحانه: {ويمح الله الباطل}، هذا وقد ذكر ابن عطية التعليل المقبول لجواز النصب في [ويتوب] على معنى أن نعتبر الجهاد في سبيل الله وقتل الكفار توبة.