فذلك أخذ الآخرة وهذا أخذ الدنيا ؛ فكيف تنجون بأنفسكم وتقوها هذا الهول الرعيب ?
( فكيف تتقون - إن كفرتم - يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به ? ) . .
وإن صورة الهول هنا لتنشق لها السماء ، ومن قبل رجفت لها الأرض والجبال . وإنها لتشيب الولدان . وإنه لهول ترتسم صوره في الطبيعة الصامتة ، وفي الإنسانية الحية . . في مشاهد ينقلها السياق القرآني إلى حس المخاطبين كأنها واقعة . . ثم يؤكدها تأكيدا . ( كان وعده مفعولا ) . . واقعا لا خلف فيه . وهو ما شاء فعل وما أراد كان !
وقوله : { السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ } قال الحسن ، وقتادة : أي بسببه من شدته وهوله . ومنهم من يعيد الضمير على الله عز وجل . وروي عن ابن عباس ومجاهد ، وليس بقوي ؛ لأنه لم يجر له ذكر هاهنا .
وقوله تعالى : { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا } أي : كان وعد هذا اليوم مفعولا أي واقعًا لا محالة ، وكائنا لا محيد عنه .
وقوله تعالى : { السماء منفطر به } قيل هذا على النسب أي ذات انفطار كامرأة حائض وطالق ، وقيل السماء تذكر وتؤنث ، وينشد في التذكير : [ الوافر ]
فلو رفع السماء إليه قوماً . . . لحقنا بالسماء مع السحاب{[11400]}
وقيل من حيث لم يكن تأنيثها حقيقياً ، جاز أن تسقط علامة التأنيث لها ، وقيل لم يرد اللفظ قصد السماء بعينها وإنما أراد ما علا من مخلوقات الله كأنه قصد السقف فذكر على هذا المعنى ، قاله منذر بن سعيد وأبو عبيدة معمر والكسائي : و { الانفطار } التصدع والانشقاق على غير نظام ، بقصد ، والضمير في { به } قال المنذر وغيره : هو عائد على اليوم ، وقال مجاهد : هو عائد على الله تعالى ، وهذا نظير قوله { يوم تشقق السماء بالغمام }{[11401]} [ الفرقان : 25 ] الذي هو ظل يأتي الله فيها . والمعنى يأتي أمره وقدرته ، وكذلك هنا { منفطر به } أي بأمره وسلطانه ، والضمير في قوله { وعده } ظاهر أنه لله تعالى . ويحتمل أن يكون لليوم لأنه يضاف إليه من حيث هو منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.