فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

ثم زاد سبحانه في وصف ذلك اليوم بالشدة فقال : { السماء منفطر به } أي منشقة به لشدته وعظيم هوله ، فما ظنك بغيرها من الخلائق ، والجملة صفة أخرى ليوم والباء سببية ، وجوز الزمخشري أن تكون للاستعانة فإنه قال والباء في " به " مثلها في قولك فطرت العود بالقدوم فانفطر به ، وقال القرطبي إنها بمعنى " في " أي منفطر فيه وهو ظاهر ، وقيل بمعنى اللام أي منفطر له ، وإنما قال منفطر ولم يقل منفطرة لتنزيل السماء منزلة شيء لكونها قد تغيرت ولم يبق منها إلا ما يعبر عنه بالشيء .

وقال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل منفطرة لأن مجازها السقف ، فيكون هذا كما في قوله { وجعلنا السماء سقفا محفوظا } وقال الفراء : السماء تذكر وتؤنث ، وقال أبو علي الفارسي : هو من باب الجراد المنتشر ، والشجر الأخضر و { أعجاز نخل منقعر } وقال أيضا أي السماء ذات انفطار كقولهم امرأة مرضع ، أي ذات إرضاع على طريق النسب . وانفطارها لنزول الملائكة قال :

{ إذا السماء انفطرت } وقوله : { والسماوات يتفطرن من فوقهن } وقيل منفطر به أي بالله والمراد بأمره ، والأول أولى ، وقال ابن عباس : منفطر به ممتلئة بلسان الحبشة وعنه قال مثقلة موقرة ، وعنه قال يعني تشقق السماء .

{ وكان وعده مفعولا } أي كان وعد الله بما وعد به من البعث والحساب وغير ذلك كائنا لا محالة ، والمصدر مضاف إلى فاعله ، أو وكان وعد اليوم مفعولا فالمصدر مضاف إلى مفعوله ، ومعنى مفعولا أنه مقضي نافذ لا يرد على حد { من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله } قال مقاتل كان وعده أن يظهر دينه على الدين كله .