قوله : { السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } . صفة أخرى ، أي : متشققة بسبب هوله وشدته ، فتكون الباء سببية ، وجوز الزمخشريُّ أن تكون للاستعانة ، فإنه قال : والباء في «به » مثلها في قولك : «فطرت العود بالقدُومِ فانفَطرَ بِهِ » .
وقال القرطبيُّ{[58395]} : ومعنى «به » ، أي : فيه ، أي : في ذلك اليوم لهوله ، هذا أحسن ما قيل فيه ، ويقال : مثقلة به إثقالاً يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها ، وخشيته من وقوعها ، كقوله تعالى :{ ثَقُلَتْ فِي السماوات والأرض } [ الأعراف : 187 ] ، وقيل : «به » ؛ أي : له ، أي : لذلك اليوم ، يقال : فعلت كذا بحرمتك ، أو لحرمتك ، والباء واللام وفي متقاربة في مثل هذا الموضع ، قال الله تعالى : { وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة }[ الأنبياء : 47 ] ، أي : في يوم القيامة ، وقيل : «به » أي بالأمر ، أي : السماء منفطر بما يجعل الولدان شيباً .
وقيل : السَّماءُ منفطر بالله ، أي : بأمره . وإنما لم تؤنث الصفة لوجوه منها :
قال أبو عمرو بن العلاء : لأنها بمعنى السقفِ تقول : هذا سماء البيت ، قال تعالى : { وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً مَّحْفُوظاً }[ الأنبياء : 32 ] .
ومنها : أنها على النسب ، أي : ذات انفطار ، نحو : امرأة مرضع وحائض ، أي : ذات إرضاع ، وذات حيض .
ومنها أنها تذكر ، وتؤنث ؛ أنشد الفراء : [ الوافر ]
4941 - فَلوْ رَفَعَ السَماءُ إليْه قَوماً*** لخُضْنَا بالسَّماءِ وبالسَّحَابِ{[58396]}
ومنها : اسم الجنس ، يفرق بينه وبين واحده بالتاء ، فيقال : سماة ، وقد تقدم أن اسم الجنس يذكر ويؤنث .
ولهذا قال أبو علي الفارسي : هو كقوله :{ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [ القمر : 7 ] و { الشجر الأخضر } [ يس : 80 ] و { أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] يعني : فجاء على أحد الجائزين .
وقيل : لأن تأنيثها ليس بحقيقي ، وما كان كذلك جاز تذكيره وتأنيثه ؛ قال الشاعر : [ البسيط ]
4942 - . . . *** والعَيْنُ بالإثْمِدِ الحَارِيِّ مَكحُولُ{[58397]}
قوله : { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } ، يجوز أن يكون الضميرُ لله تعالى ، وإن لم يجر له ذكر للعلم به ، فيكون المصدر مضافاً لفاعله ، ويجوز أن يكون لليوم ، فيكون مضافاً لمفعوله والفاعل وهو «اللَّهُ » مقدر .
قال المفسرون : كان وعده بالقيامة والحساب والجزاء مفعولاً كائناً لا محالة ولا شك فيه ولا خلاف ، وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهره دينه على الدين كله{[58398]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.