فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

ثم زاد في وصف ذلك اليوم بالشدّة ، فقال : { السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ } أي متشققة به لشدّته وعظيم هوله ، والجملة صفة أخرى ليوم ، والباء سببية ، وقيل : هي بمعنى في : أي منفطر فيه ، وقيل : بمعنى اللام : أي منفطر له ، وإنما قال : { منفطر } ولم يقل : «منفطرة » لتنزيل السماء منزلة شيء لكونها قد تغيرت ، ولم يبق منها إلاّ ما يعبر عنه بالشيء . وقال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل : «منفطرة » ، لأن مجازها السقف ، كما قال الشافعي :

فلو رفع السماء إليه قوماً *** لحقنا بالسماء وبالسحاب

فيكون هذا كما في قوله : { وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً مَّحْفُوظاً } [ الأنبياء : 32 ] . وقال الفرّاء : السماء تذكر وتؤنث . وقال أبو عليّ الفارسي : هو من باب الجراد المنتشر والشجر الأخضر ، و { أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] قال أيضاً : أي السماء ذات انفطار ، كقولهم : امرأة مرضع : أي ذات إرضاع على طريق النسب ، وانفطارها لنزول الملائكة ، كما قال : { إِذَا السماء انفطرت } [ الانفطار : 1 ] وقوله : { السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } [ الشورى : 5 ] . وقيل : منفطر به : أي بالله ، والمراد : بأمره ، والأوّل أولى { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } أي وكان وعد الله بما وعد به من البعث والحساب وغير ذلك كائناً لا محالة ، والمصدر مضاف إلى فاعله ، أو وكان وعد اليوم مفعولاً ، فالمصدر مضاف إلى مفعوله . وقال مقاتل : كان وعده أن يظهر دينه على الدين كله .

/خ18