الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

قوله : { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } : صفةٌ أخرى ، أي : مُتَشَقِّقة بسبب هَوْلِه : وإنما لم تُؤَنَّثِ الصفةُ لأحدِ وجوهٍ منها : تأويلُها بمعنى السَّقْفِ . ومنها : أنها على النَّسَبِ أي : ذات انفطارٍ نحو : مُرْضِعٍ وحائضٍ . ومنها : أنها تُذَكَّر وتؤنَّثُ : أنشد الفراء :

ولو رَفَعَ السَّماء إليه قوماً *** لَحِقْنا بالسَّماءِ وبالسَّحابِ

ومنها : أنَّها اسمُ جنسٍ يُفْرَّقُ بينه وبين واحدِه بالتاءِ فيقال : سَماءة وقد تقدَّم أنَّ في اسم/ الجنسِ والتذكيرَ والتأنيثَ ؛ ولهذا قال الفارسي : " هو كقولِه : { جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [ القمر : 7 ] { الشَّجَرِ الأَخْضَرِ } [ يس : 80 ] و { أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] يعني فجاء على أحد الجائزَيْن . والباءُ فيه سببيَّةٌ كما تقدَّم . وجَوَّز الزمخشريُّ أَنْ تكونَ للاستعانةِ ، فإنه قال : " والباءُ في " به " مِثْلُها في قولِك : " فَطَرْتُ العُوْدَ بالقَدُومِ فانْفَطر به " .

قوله : { وَعْدُهُ } يجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ لله تعالى ، وإنْ لم يَجْرِ له ذِكْرٌ للعِلْمِ به ، فيكونُ المصدرُ مضافاً لفاعلِه . ويجوزُ أَنْ يكونَ لليومِ ، فيكونَ مضافاً لمفعولِه . والفاعلُ وهو اللَّهُ تعالى مُقَدَّرٌ .