معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

قوله تعالى : { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة } ، قرأ ابن عامر : { منكم } بالكاف ، وكذلك هو في مصاحفهم ، { وآثاراً في الأرض } ، فلم ينفعهم ذلك . { فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق } ، يدفع عنهم العذاب

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

21

( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ، كانوا هم أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض ، فأخذهم الله بذنوبهم . وما كان لهم من الله من واق . ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ، فكفروا ، فأخذهم الله ، إنه قوي شديد العقاب . . )

هذا المعبر بين قصة موسى - عليه السلام - وموضوع السورة قبلها يذكر المجادلين في آيات الله من مشركي العرب بعبرة التاريخ قبلهم ؛ ويوجههم إلى السير في الأرض ، ورؤية مصارع الغابرين ، الذين وقفوا موقفهم . وكانوا أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض . ولكنهم - مع هذه القوة والعمارة - كانوا ضعافاً أمام بأس الله . وكانت ذنوبهم تعزلهم عن مصدر القوة الحقيقية ، وتستعدي عليهم قوى الإيمان ومعها قوة الله العزيز القهار : ( فأخذهم الله بذنوبهم . وما كان لهم من الله من واق ) . . ولا واقي إلا الإيمان والعمل الصالح والوقوف في جبهة الإيمان والحق والصلاح .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

يقول تعالى : أو لم يسر هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد { فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : من الأمم المكذبة بالأنبياء ، ما حل بهم من العذاب والنكال مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة { وَآثَارًا فِي الأرْضِ } أي : أثروا في الأرض من البنايات والمعالم والديارات ، ما لا يقدر عليه هؤلاء ، كما قال : { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ } [ الاحقاف : 26 ] ، وقال { وَأَثَارُوا الأرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } [ الروم : 9 ] أي : ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد ، أخذهم الله بذنوبهم ، وهي كفرهم برسلهم ، { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } أي : وما دفع عنهم عذاب الله أحد ، ولا رده عنهم راد ، ولا وقاهم واق .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَآثَاراً فِي الأرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ } .

يقول تعالى ذكره : أو لم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم بالله ، المكذّبون رسوله من قريش ، في البلاد ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ يقول : فيروا ما الذي كان خاتمة أمم الذين كانوا من قبلهم من الأمم الذين سلكوا سبيلهم ، في الكفر بالله ، وتكذيب رسله كانُوا هُمْ أشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً يقول : كانت تلك الأمم الذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشا ، وأبقى في الأرض آثارا ، فلم تنفعهم شدّة قواهم ، وعظم أجسامهم ، إذ جاءهم أمر الله ، وأخذهم بما أجرموا من معاصيه ، واكتسبوا من الاَثام ، ولكنه أباد جمعهم ، وصارت مساكنهم خاوية منهم بما ظلموا وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ وَاق يقول : وما كان لهم من عذاب الله إذ جاءهم ، من واق يقيهم ، فيدفعه عنهم ، كالذي :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهُ مِنْ وَاق يقيهم ، ولا ينفعهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

ثم ذكر تعالى لنفسه صفتين َبِّين ُعُرُّو الأوثان عنهما وهي{[9981]} في جهة الله تعالى عبارة عن الإدراك على إطلاقه ، ثم أحال كفار قريش وهم أصحاب الضمير في { يسيروا } على الاعتبار بالأمم القديمة التي كذبت أنبياءها فأهلكها الله تعالى .

وقوله : { فينظروا } يحتمل أن يجعل في موضع نصب جواب الاستفهام ، ويحتمل أن يكون مجزوماً عطفاً على { يسيروا } . و : { كيف } في قوله : { كيف كان عاقبة } خبر { كان } مقدم ، وفي { كيف } ضمير ، وهذا مع أن تكون { كان } الناقصة . وأما إن جعلت تامة بمعنى حدث ووقع ، ف { كيف } ظرف ملغى لا ضمير فيه .

وقرأ ابن عامر وحده : «أشد منكم » بالكاف ، وكذلك هي في مصاحف الشام ، وذلك على الخروج من غيبة إلى الخطاب . وقرأ الباقون : «أشد منهم » وكذلك هي في سائر المصاحف ، وذلك أوفق لتناسب ذكر الغيب .

والآثار في ذلك : هي المباني والمآثر والصيت الدنياوي ، وذنوبهم كانت تكذيب الأنبياء ، والواقي : الساتر المانع ، مأخوذ من الوقاية{[9982]} .


[9981]:هكذا في الأصول، وقد وفق بها قوله جوابا عنها: (عبارة عن الإدراك).
[9982]:و[واق] في موضع خفض معطوف على اللفظ، ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع، والرفع والخفض واحد، لأن الياء تحذف وتبقى الكسرة دالة عليها.