التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

ثم وبخ - سبحانه - هؤلاء الظالمين على عدم اعتبارهم واتعاظهم بمن كان قبلهم فقال : { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأرض فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ } .

أى : أبلغت الجهالة والغفالة وانطماس البصيرة بهؤلاء المشركين من قومك - يا محمد - أنهم لم يعتبروا ولم يتعظوا بالظالمين السابقين الذين دمرناهم تدميرا .

إنهم يمرون عليهم مصبحين وبالليل ، وإنهم ليشاهدون آثارهم ماثلة أمام أعينهم ، يشاهدون آثار قوم صالح ، ويشاهدون آثار غيرهم .

ولقد كان هؤلاء السابقون الظالمون ، أشد من مشركى قريش فى القوة والبأس ، وأشد منهم فى إقامة المبانى الفارهة ، والحصون الحصينة . .

فلما استمروا فى جحودهم وكفرهم ، أخذهم الله - تعالى - أخذ عزيز مقتدر ، بسبب ذنوبهم . وما كان لهم من دون الله - تعالى - من يدفع عنهم عذابه ، أو يقيهم من بأسه .