مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

ثم إنه تعالى لما بالغ في تخويف الكفار بعذاب الآخرة أردفه ببيان تخويفهم بأحوال الدنيا فقال : { أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } والمعنى أن العاقل من اعتبر بغيره ، فإن الذين مضوا من الكفار كانوا أشد قوة من هؤلاء الحاضرين من الكفار ، وأقوى آثارا في الأرض منهم ، والمراد حصونهم وقصورهم وعساكرهم ، فلما كذبوا رسلهم أهلكهم الله بضروب الهلاك معجلا حتى إن هؤلاء الحاضرين من الكفار يشاهدون تلك الآثار ، فحذرهم الله تعالى من مثل ذلك بهذا القول ، وبين بقوله { وما كان لهم من الله من واق } أنه لما نزل العذاب بهم عند أخذه تعالى لهم لم يجدوا من يعينهم ويخلصهم .