فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

لما خوّفهم سبحانه بأحوال الآخرة أردفه ببيان تخويفهم بأحوال الدنيا ، فقال : { أَوَ لَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } أرشدهم سبحانه إلى الاعتبار بغيرهم ، فإن الذين مضوا من الكفار { كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } من هؤلاء الحاضرين من الكفار وأقوى { وَآثَاراً فِي الأرض } بما عمروا فيها من الحصون والقصور ، وبما لهم من العدد والعدّة ، فلما كذبوا رسلهم أهلكهم الله . وقوله : { فَيَنظُرُواْ } إما مجزوم بالعطف على يسيروا ، أو منصوب بجواب الاستفهام ، وقوله : { كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } بيان للتفاوت بين حال هؤلاء وأولئك . وقوله : { وَءاثَاراً } عطف على قوّة . قرأ الجمهور : { أشد منهم } ، وقرأ ابن عامر : " أشد منكم " على الالتفات { فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ } أي بسبب ذنوبهم { وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ الله مِن وَاقٍ } أي من دافع يدفع عنهم العذاب ، وقد مرّ تفسير هذه الآية في مواضع .