فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

ولما خوفهم سبحانه بأحوال الآخرة أردفه ببيان تخويفهم بأحوال الدنيا فقال : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ } لأن العاقل من اعتبر بحال غيره ، أي اغفلوا ولم يسيروا في الأرض فيعتبروا بمن قبلهم من الأمم المكذبة لرسلهم ، كعاد وثمود وأضرابهم ، أو العاقبة بمعنى الصفة أو بمعنى المآل أرشدهم الله سبحانه إلى الاعتبار بغيرهم ، فإن الذين مضوا من الكفار { كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي من هؤلاء الحاضرين من الكفار ، وهذا بيان للتفاوت بين حال هؤلاء وأولئك ، وفي قراءة منكم أي التفاتا من الغيبة إلى الخطاب ، وقع ضمير الفصل هنا بين معرفة ونكرة ، مع أنه لا يقع إلا بين معرفتين لكون النكرة هنا مشابهة للمعرفة من حيث امتناع دخول أل عليها ، لأن افعل التفضيل المقرون بمن لا تدخل عليه أل .

{ وَآَثَارًا فِي الأَرْضِ } بما عمروا فيها من الحصون المتينة ، والمصانع الحصينة ، والقصور المشيدة وبما لهم من العدد والعدة { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } أي عاقبهم ، وأهلكهم بسبب ذنوبهم ، وتكذيبهم رسلهم { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ } أي دافع يدفع عنهم العذاب ويقيهم ، وقد مر تفسير هذه الآية في مواضع .