قوله تعالى : { ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً وغرتكم الحياة الدنيا } حتى قلتم : لا بعث ولا حساب ، { فاليوم لا يخرجون منها } قرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وضم الراء ، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء ، { ولا هم يستعتبون } لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله ، لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذراً ولا توبةً .
( ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً ، وغرتكم الحياة الدنيا ) . .
ثم يسدل الستار عليهم بإعلان مصيرهم الأخير . وهم متروكون في جهنم لا يخرجون ولا يطلب إليهم اعتذار ولا عتاب :
( فاليوم لا يخرجون منها ، ولا هم يستعتبون ) . .
وكأننا نسمع مع إيقاع هذه الكلمات صرير الأبواب وهي توصد إيصادها الأخير ! وقد انتهى المشهد ، فلم يعد فيه بعد ذلك تغيير ولا تحوير !
قال الله تعالى : { ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا } أي : إنما جازيناكم هذا الجزاء ؛ لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخريا ، تسخرون وتستهزئون بها ، { وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } أي : خدعتكم فاطمأننتم إليها ، فأصبحتم من الخاسرين ؛ ولهذا قال : { فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا } أي : من النار { وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } أي : لا يطلب منهم العتبى ، بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب ، كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب .
القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكُم بِأَنّكُمُ اتّخَذْتُمْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَغَرّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } .
يقول تعالى ذكره : يقال لهم : هذا الذي حلّ بكم من عذاب الله اليوم بِأَنّكُم في الدنيا اتّخَذْتُمْ آياتِ اللّهِ هُزُوا ، وهي حججه وأدلته وآي كتابه التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم هُزُوا يعني سخرية تسخرون منها ، وَغَرّتْكُمُ الحَياةُ الدّنْيا يقول : وخدعتكم زينة الحياة الدنيا . فآثرتموها على العمل لما ينجيكم اليوم من عذاب الله ، يقول تعالى ذكره : فالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها من النار وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ يقول : ولا هم يردّون إلى الدنيا ليتوبوا ويراجعوا الإنابة مما عوقبوا عليه .
و : { آيات الله } لفظ جامع لآيات القرآن وللأدلة التي نصبها الله تعالى لينظر فيها العباد .
وقرأ أكثر القراء : «لا يُخرَجون » بضم الياء المنقوطة من تحت وفتح الراء . وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب والأعمش والحسن : «يَخرُجون » بإسناد الفعل إليهم بفتح الياء وضم الراء . و : { يستعتبون } تطلب منهم مراجعة إلى عمل صالح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.