أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗا وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُخۡرَجُونَ مِنۡهَا وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (35)

شرح الكلمات

{ ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله } : أي ذلك العذاب كان لكم بسبب كفركم واتخاذكم آيات الله هزواً { هزواً } : أي شيئا مهزؤاً به .

{ وغرتكم الحياة الدنيا } : أي طول العمر والتمتع بالشهوات والمستلذات { ولا هم يستعتبون } : أي لا يؤذن لهم في الاستعتاب ليعتبوا فيتوبوا .

المعنى

وعلة هذا الحكم عليهم بيَّنها تعالى بقوله { ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا } أي حكم عليكم بالعذاب والخذلان بسبب اتخاذكم آيات الله الحاملة للحجج والبراهين الدالة على وجود الله ووجوب توحيده وطاعته هزوا أي شيئا مهزواً به ، { وغرَّتكم الحياة الدنيا } بزخرفها وزينتها ، وطول أعماركم فيها ، فلم تؤمنوا ولم تعملوا صالحا ينجيكم من هذا العذاب الذي حاق بكم اليوم . قال تعالى { فاليوم لا يخرجون منها } وترك مخاطبتهم إشعاراً لهم بأنهم لا كرامة لله لهم اليوم ، فلم يقل فاليوم لا تخرجون منها ، بل عدل عنها إلى قوله { فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون } أي لم يطلب منهم أن يعتبوا ربهم بالتوبة إليه ، إذ لا توبة بعد الموت ، والرجوع إلى الدنيا غير ممكن في حكم الله وقضائه ، وهنا تعظم حسرتهم ويشتد العذاب عليهم ويعظم كربهم .