معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

قوله تعالى : { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله } أي : من شريك ، { إذاً لذهب كل إله بما خلق } أي : تفرد بما خلقه فلم يرض أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره ، ومنع الإله الآخر عن الاستيلاء على ما خلق . { ولعلا بعضهم على بعض } أي : طلب بعضهم مغالبة بعض كفعل ملوك الدنيا فيما بينهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

53

ثم يفصل فيما هم كاذبون : ( ما اتخذ الله من ولد ، وما كان معه من إله ) . . ثم يأتي بالدليل الذي ينفي دعواهم ، ويصور ما في عقيدة الشرك من سخف واستحالة : إذا لذهب كل إله بما خلق مستقلا بما خلقه ، يصرفه حسب ناموس خاص ؛ فيصبح لكل جزء من الكون ، أو لكل فريق من المخلوقات ناموس خاص لا يلتقي فيه بناموس عام يصرف الجميع . ( ولعلا بعضهم على بعض )بغلبة سيطرته وتصريفه على الكون الذي لا يبقى ولا ينتظم إلا بناموس واحد ، وتصريف واحد ، وتدبير واحد .

وكل هذه الصور لا وجود لها في الكون ، الذي تشهد وحدة تكوينه بوحدة خالقه ، وتشهد وحدة ناموسه بوحدة مدبره . وكل جزء فيه وكل شيء يبدو متناسقا مع الأجزاء الأخرى بلا تصادم ولا تنازع ولا اضطراب . . ( سبحان الله عما يصفون ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

وقوله : ما اتّخَذَ اللّهُ منْ وَلَدٍ يقول تعالى ذكره : ما لله من ولد ، ولا كان معه في القديم ولا حين ابتدع الأشياء مَنْ تصلح عبادته ، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء مَنْ تصلح عبادته مِنْ إلهٍ إذا لَذَهَب يقول : إذن لاعتزل كلّ إله منهم بِما خَلَقَ من شيء ، فانفرد به ، ولتغالبوا ، فلَعَلا بعضهم على بعض ، وغلب القويّ منهم الضعيف لأن القويّ لا يرضى أن يعلُوَه ضعيف ، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها . فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها لمن عقل وتدبر وقوله : إذا لَذَهَبَ جواب لمحذوف ، وهو : لو كان معه إله إذن لذهب كل إله بما خلق اجتزىء بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وقوله : سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ يقول تعالى ذكره : تنزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له ولدا ، وعما قالوه من أن له شريكا ، أو أن معه في القدم إلها يُعبد ، تبارك وتعالى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

وفي قوله تعالى : { وما كان معه من إله } دليل على التمانع وهذا هو الفساد الذي تضمنه قوله { ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }{[8533]} [ الأنبياء : 22 ] والجزء المخترع محال أن يتعلق به قدرتان فصاعداً أو يختلف الإلهان في إرادة فمحال نفوذهما ومحال عجزهما فإذا نفذت إرادة الواحد فهو العالي والآخر ليس بإله ، فإذا قيل نقدرهما{[8534]} لا يختلفان في إرادة قيل ذلك بفرض ، فإذا جوزه الكفار قامت الحجة فإن ما التزم جوازه جار{[8535]} في الحجة جرى ما التزم وقوعه ، وقوله { إذاً } جواب لمحذوف تقديره لو كان معه إله { إذاً لذهب } وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم «عالمِ » بكسر الميم اتباعاً للمكتوبة{[8536]} في قوله { سبحان الله } ، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم «عالمُ » بالرفع والمعنى هو «عالم » قال الأخفش : الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحدٍ قال أبو علي : ووجهه الرفع إن الكلام قد انقطع .

قال الفقيه الإمام القاضي : والابتداء عندي{[8537]} أبرع والفاء في قوله { فتعالى } عاطفة بالمعنى كأنه قال : علم الغيب والشهادة { فتعالى } وهذا كما تقول زيد شجاع فعظمت منزلته ويحتمل أن يكون المعنى فأقول تعالى { عما يشركون } على إخبار مؤتنف .


[8533]:من الآية (22) من سورة (الأنبياء).
[8534]:في بعض النسخ: "فإن قيل: بقدرتهما لا يختلفان".
[8535]:في بعض النسخ: "يجري في الحجة".
[8536]:المكتوبة هي لفظ الجلالة "الله".
[8537]:في بعض النسخ "عنده" أي عند أبي علي، واخترنا التي نقلها أبو حيان عن ابن عطية وهي التي تتفق مع سياق الكلام، وكذلك جاء في بعض النسخ: "والابتداء عندي أبدع" بدلا من "أبرع".