قوله تعالى : { وأقم الصلاة طرفي النهار } ، أي : الغداة والعشي : يعني : صلاة الصبح والمغرب ، قال مجاهد : طرفا النهار صلاة الصبح والظهر والعصر . { وزلفاً من الليل } ، صلاة المغرب والعشاء . وقال مقاتل : صلاة الفجر والظهر طرف ، وصلاة العصر والمغرب طرف ، وزلفا من الليل ، يعني : صلاة العشاء . وقال الحسن : طرفا النهار . الصبح والعصر ، وزلفا من الليل : المغرب والعشاء . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : طرفا النهار الغداة والعشي ، يعني صلاة الصبح والمغرب . قوله : { وزلفاً من الليل } أي : ساعاته واحدتها زلفة وقرأ أبو جعفر زلفاً بضم اللام . " إن الحسنات يذهبن السيئات " ، يعني : إن الصلوات الخمس يذهبن الخطيئات . روي أنها نزلت في أبي اليسر ، قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت لها إن في البيت تمرا أطيب منه فدخلت معي البيت ، فأهويت إليها فقبلتها ، فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ، فأتيت عمر رضي الله عنه فذكر ذلك له ، فقال : استر على نفسك وتب ، فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فقال : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ، حتى ظن أنه من أهل النار ؟ فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل } ، الآية ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألهذا خاصة أم للناس عامة ؟ قال : بل للناس عامة " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه " أن رجلا أصاب من امرأة قبله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله تعالى : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات } ، قال الرجل : يا رسول الله ألي هذا ؟ قال : لجميع أمتي كلهم " .
وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، ثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني أبو طاهر ، وهارون بن سعيد الأيلي : قالا : حدثنا ابن وهب ، عن أبي صخر ، أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا محمد الحسين بن أحمد المخلدي ، أنبأنا العباس محمد بن إسحاق السراج ، أنبأنا قتيبة ، أنبأنا الليث وبكر بن مضر ، عن ابن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا . قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا " . قوله عز وجل : { ذلك } ، أي : ذلك الذي ذكرنا . وقيل : هو إشارة إلى القرآن ، { ذكرى }عظة { للذاكرين } أي : لمن ذكره .
والله - سبحانه - يرشد رسوله [ ص ] ومن معه من القلة المؤمنة إلى زاد الطريق :
( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) . .
ولقد علم الله أن هذا هو الزاد الذي يبقى حين يفنى كل زاد ، والذي يقيم البنية الروحية ، ويمسك القلوب على الحق الشاق التكاليف . ذلك أنه يصل هذه القلوب بربها الرحيم الودود ، القريب المجيب ، وينسم عليها نسمة الأنس في وحشتها وعزلتها في تلك الجاهلية النكدة الكنود !
والآية هنا تذكر طرفي النهار - وهما أوله وآخره ، وزلفا من الليل أي قريبا من الليل . وهذه تشمل أوقات الصلاة المفروضة دون تحديد عددها . والعدد محدد بالسنة ومواقيته كذلك .
والنص يعقب على الأمر بإقامة الصلاة - أي أدائها كاملة مستوفاة - بأن الحسنات يذهبن السيئات . وهو نص عام يشمل كل حسنة ، والصلاة من أعظم الحسنات ، فهي داخلة فيه بالأولوية . لا أن الصلاة هي الحسنة التي تذهب السيئة بهذا التحديد - كما ذهب بعض المفسرين - :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.