تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّـٰكِرِينَ} (114)

وقوله تعالى : ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ ) ظاهر هذا أن يكون [ في ما ][ من م ، في الأصل : فيها ] ذكر صلوات ثلاث : صلا الفجر في الطرف الأول ، وصلاة العصر في الطرف الأخير ، ( وزلفا من الليل ) صلاة المغرب ، لأنه ذكر زلفا من الليل ، والزلف القرب ، لأن الزلفة ، هي القربة والوسيلة ، ويكون [ في الأصل وم : ليكون ] قوله ( وزلفا من الليل ) أي قريبا من طرف النهار [ وقريبا من طرف ][ في الأصل وم : من ] الليل وهو المغرب .

ويكون ذكر سائر الصلوات في قوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل )[ الإسراء : 78 ] ذكر دلوك الشمس إلى غسق الليل ، ذكر دلوك الشمس ، وهو زوال الشمس ، وغسق الليل ، [ وهو ][ ساقطة من الأصل وم ] العشاء ، أو في قوله ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) ( وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون )[ الروم : 17و18 ] .

( حين تمسون ) صلاة العصر و( حين تصبحون ) صلاة الفجر ( وعشيا ) صلاة العشاء ( وحين تظهرون ) صلاة الظهر ، وليس لصلاة المغرب ذكر في الآية ، لكنها ذكرت في قوله ( وزلفا من الليل ) .

وقال بعضهم ( وزلفا من اليل ) ساعات من الليل . إلا أن بعض أهل التأويل صرفوها إلى الصلوات الخمس ، وقالوا : قوله : ( طرفي النهار ) صلاة الصبح والظهر[ الواو ساقطة من الأصل وم ] والعصر ( وزلفا من اليل ) صلاة المغرب والعشاء .

وقال الحسن : هما زلفتان من الليل صلاة المغرب والعشاء . على ذلك جاءت الآثار في قوله : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) الحسنات هي الصلوات الخمس . «وروي أن رجلا أصاب من امرأة كل شيء إلا الجماع ، فندم على ذلك ، فأتى رسول الله ، فسأله ، فقال رسول الله : ما أدري ما أرد عليك حتى يأتي فيك شيء من الله . قال فبينما هما[ في الأصل وم : هم ] كذلك إذ حضرت الصلاة ، فلما فرغ من صلاته نزل عليه جبريل ، فقال : ( وأقم الصلاة طرفي النهار ) غدوة وعشية : صلاة الغداة والظهر والعصر ( وزلفا من اليل ) صلاة المغرب والعشاء ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) يعني الصلوات الخمس ( ذكرى للذاكرين ) قال : توبة للتائب ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : يا رسول الله . أخاص له ، أم عام ؟ قال : لا بل عام للناس كلهم »[ ابن حبان : 1730 ] فإن ثبت هذا فهو الأصل في ذلك .

وعن عثمان في بعض الأخبار له أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «الصلوات الخمس الحسنات ( يذهبن السيئات ) فقالوا : فما الباقيات الصالحات يا عثمان ؟ فقال : لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم »[ أحمد1/71 ] .

وعن أبي هريرة [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلوات كفارة للخطايا ، واقرؤوا إن شئتم ( إن الحسنات يذهبن السيئات )[ بنحوه عن أنس : أبو نعيم في الحلية9/250 ] .

وعن ابن عباس [ في قوله ][ ساقطة من الأصل وم ] ( إن الحسنات يذهبن السيئات )[ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات »[ مسلم668 ] والأخبار في هذا كثيرة .

وقال بعضهم : فيه ذكر أربع صلوات ؛ يقول : ( طرفي النهار ) الفجر والعصر ( وزلفا من اليل ) المغرب ، والعشاء . وقد جاءت الآثار في أن الحسنات هن[ من م ، في الأصل : من ] خمس صلوات .

وقوله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) قال بعضهم : فعل الصلوات نفسها ، وهو ما ذكرنا من الأخبار إن ثبتت .

وقوله تعالى : ( يذهبن السيئات ) قال بعضهم : نفس الصلاة لا تكفر ، ولكن تذكر ما ارتكبت من الذنوب ، فيندم عليها ، فذلك يكفر ، وهو كقوله : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )الآية[ العنكبوت : 45 ] أخبر أن الصلاة تنهى ، ولا تنهى إل بعد أن تذكر ذلك .

وقال بعضهم : ( تنهى عن الفحشاء والمنكر ) أي ما دام فيها . ويحتمل قوله : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) الصلوات وغيرها من الحسنات ، وفيه[ الواو ساقطة من الأصل وم ] إخبار أن من الحسنات [ ما ][ ساقطة من الأصل وم ] تكفر شيئا من السيئات ، و الله أعلم .

وقوله تعالى : ( ذلك ذكرى للذاكرين ) ذلك الذي سبق ذكره[ في الأصل وم : ذكرها ] ذكرى : عظة للمتقين .