القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَقِمِ الصّلاَةَ طَرَفَيِ النّهَارِ وَزُلَفاً مّنَ الْلّيْلِ إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَىَ لِلذّاكِرِينَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وأقم الصلاة } ، يا محمد ، يعني : صلّ ، { طرفي النهار } ، يعني : الغداة والعشي .
واختلف أهل التأويل في التي عنيت بهذه الآية من صلوات العشي ، بعد إجماع جميعهم على أن التي عنيت من صلاة الغداة : الفجر .
فقال بعضهم : عنيت بذلك صلاة الظهر والعصر ، قالوا : وهما من صلاة العشي . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { أقِمِ الصّلاَةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : الفجر ، وصلاتي العشي ، يعني : الظهر والعصر .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : صلاة الفجر ، وصلاة العشيّ .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أفلح بن سعيد ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : فطرفا النهار : الفجر والظهر والعصر .
حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : الفجر ، والظهر ، والعصر .
وقال آخرون : بل عُني بها : صلاة المغرب . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } ، ِ يقول : صلاة الغداة وصلاة المغرب .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن عوف ، عن الحسن : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } ، ِ قال : صلاة الغداة والمغرب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } : الصبح ، والمغرب .
وقال آخرون : عُني بها : صلاة العصر . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } ، ِ قال : صلاة الفجر والعصر .
قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد القُبائي ، عن محمد بن كعب : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } : ِ الفجر والعصر .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : صلاة الصبح وصلاة العصر .
حدثني الحسين بن عليّ الصدائي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا مبارك ، عن الحسن ، قال : قال الله لنبيه : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : طرفى النهار : الغداة والعصر .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، يعني : صلاة العصر والصبح .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } : الغداة والعصر .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد ، عن محمد بن كعب : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } : الفجر والعصر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ } ، قال : الغداة والعصر .
وقال بعضهم : بل عنى بطرفى النهار : الظهر والعصر ، وبقوله : { زُلَفا مِنَ اللّيْل } : المغرب ، والعشاء ، والصبح .
وأولى هذه الأقول في ذلك عندي بالصواب قول من قال : هي صلاة المغرب ، كما ذكرنا عن ابن عباس .
وإنما قلنا : هو أولى بالصواب ، لإجماع الجميع على أن صلاة أحد الطرفين من ذلك صلاة الفجر ، وهي تصلى قبل طلوع الشمس ، فالواجب إذ كان ذلك من جميعهم إجماعا أن تكون صلاة الطرف الآخر المغرب ، لأنها تصلى بعد غروب الشمس ، ولو كان واجبا أن يكون مرادا بصلاة أحد الطرفين : قبل غروب الشمس ، وجب أن يكون مرادا بصلاة الطرف الآخر : بعد طلوعها ، وذلك ما لا نعلم قائلاً قاله إلا من قال : عنى بذلك : صلاة الظهر والعصر ، وذلك قول لا يُخِيلُ فساده ، لأنهما إلى أن يكونا جميعا من صلاة أحد الطرفين أقرب منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفى النهار ، وذلك أن الظهر لا شكّ أنها تصلى بعد مضيّ نصف النهار في النصف الثاني منه ، فمحال أن تكون من طرف النهار الأوّل وهي في طرفه الآخر . فإذا كان لا قائل من أهل العلم يقول : عنى بصلاة طرف النهار الأوّل : صلاة بعد طلوع الشمس ، وجب أن يكون غير جائز أن يقال : عنى بصلاة طرف النهار الآخرة : صلاة قبل غروبها . وإذا كان ذلك صحّ ما قلنا في ذلك من القول ، وفسد ما خالفه .
وأما قوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، فإنه يعني : ساعات من الليل ، وهي جمع زُلْفة ، والزلفة : الساعة والمنزلة والقربة . وقيل : إنما سميت المزدلفة وجُمَع من ذلك ، لأنها منزل بعد عرفة . وقيل : سميت بذلك لازدلاف آدم من عرفة إلى حوّاء وهي بها ومنه قول العجاج في صفة بعير :
ناجٍ طَوَاهُ الأيْنَ مِمّا وَجَفا *** طَيّ اللّيالي زُلَفا فَزُلَفَا
واختلفت القرأة في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والعراق : وَ{ زُلَفا } ، بضم الزاي وفتح اللام . وقرأه بعض أهل المدينة بضم الزاي واللام ، كأنه وجّهه إلى أنه واحد وأنه بمنزلة الحلم . وقرأه بعض المكيين : { وزُلْفا } ، بضم الزاي وتسكين اللام .
وأعجب القراءات في ذلك إليّ أن أقرأها : { وَزُلَفا } ، بضم الزاي وفتح اللام ، على معنى جمع زُلْفة ، كما تجمع غرفة : غُرَف ، وحُجْرة : حُجَر . وإنما اخترت قراءة ذلك كذلك ، لأن صلاة العشاء الآخرة إنما تصلى بعد مضيّ زلف من الليل ، وهي التي عنيت عندي بقوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، وبنحو الذي قلنا في قوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : الساعات من الليل صلاة العتمة .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { زُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، يقول : صلاة العتمة .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن عوف ، عن الحسن : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : العشاء .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن أبي زيد ، قال : كان ابن عباس يعجبه التأخير بالعشاء ، ويقرأ : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : ساعة من الليل ، صلاة العتمة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : العتمة ، وما سمعت أحدا من فقهائنا ومشايخنا ، يقول العشاء ، ما يقولون إلا العتمة .
وقال قوم : الصلاة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامتها { زلفا من الليل } ، صلاة المغرب والعشاء . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع ، واللفظ ليعقوب ، قالا : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أبو رجاء عن الحسن : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : هما زلفتان من الليل : صلاة المغرب ، وصلاة العشاء .
حدثنا ابن جميد وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن أشعث ، عن الحسن ، في قوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : المغرب ، والعشاء .
حدثني الحسن بن عليّ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا مبارك ، عن الحسن : قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : { زلفا من الليل } : المغرب ، والعشاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هُما زُلْفَتا اللّيْلِ : المَغْرِبُ والعِشَاءُ » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : المغرب ، والعشاء .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : قد بين الله مواقيت الصلاة في القرآن ، قال : { أقِمِ الصّلاةَ لِدُلُوكِ الشّمْسِ إلى غَسَق اللّيْلِ } ، قال : دلوكها : إذا زالت عن بطن السماء وكان لها في الأرض فيء ، وقال : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهار } ، ِ الغداة ، والعصر . { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، المغرب ، والعشاء . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هُمَا زُلْفَتا اللّيْلِ المَغْرِبُ والعِشَاءُ » .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : يعني : صلاة المغرب ، وصلاة العشاء .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أفلح بن سعيد ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : { زُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد ، عن محمد بن كعب ، مثله .
حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، المغرب والعشاء .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عاصم بن سليمان ، عن الحسن ، قال : زلفتا الليل : المغرب ، والعشاء .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عاصم ، عن الحسن : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن جويبر ، عن الضحاك : { وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن الحسن : { زُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، صلاة المغرب والعشاء . وقوله : { إنّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، يقول تعالى ذكره : إن الإنابة إلى طاعة الله والعمل بما يرضيه ، يذهب آثام معصية الله ويكفر الذنوب .
ثم اختلف أهل التأويل في الحسنات التي عنى الله في هذا الموضع اللاتي يذهبن السيئات ، فقال بعضهم : هنّ الصلوات الخمس المكتوبات . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن أبي محمد ابن الحضرمي ، قال : حدثنا كعب في هذا المسجد ، قال : والذي نفس كعب بيده إن الصلوات الخمس لهنّ الحسنات التي بذهبن السيئات ، كما يغسل الماء الدرن .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أفلح ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول في قوله : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : هنّ الصلوات الخمس .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد : { إنّ الحَسَنَاتِ } ، الصلوات .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة جميعا ، عن عوف ، عن الحسن : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني زريق بن السخت ، قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله تعالى : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سعيد الجريري ، قال : ثني أبو عثمان ، عن سلمان ، قال : والذي نفسي بيده ، إن الحسنات التي يمحو الله بهنّ السيئات كما يغسل الماء الدرن : الصلوات الخمس .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مَزْيدة بن زيد ، عن مسروق : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، وعبد الله بن أبي زياد القطوني ، قالا : حدثنا عبد الله بن يزيد ، قال : أخبرنا حيوة ، قال : أخبرنا أبو عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه ، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان رحمه الله يقول : جلس عثمان يوما وجلسنا معه ، فجاء المؤذّن فدعا عثمان بماء في إناء ، أظنه سيكون فيه قدْرُ مدّ ، فتوضأ ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ، ثم قال : «مَنْ تَوَضّأَ وُضُوئي هَذَا ، ثم قامَ فَصَلّى صَلاَةَ الظّهْرِ ، غُفِرَ لَهُ ما كانَ بَيْنَهُ وبينَ صَلاةَ الصّبْحِ ، ثُمّ صَلّى العَصْرَ ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَهُ وبينَ صَلاةِ الظّهْرِ ، ثم صَلّى المَغْرِبَ ، غُفرَ لَهُ ما بَيْنَهُ وبينَ صَلاةِ العَصْرِ ، ثُمّ صَلّى العِشَاءَ ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَهُ وبينَ صَلاةِ المَغْرِبِ ، ثُمّ لَعَلّهُ يَبيتُ لَيْلَةً يَتَمَرّغُ ، ثُمّ إنْ قامَ فَتَوَضّأَ وَصَلّى الصّبْحَ ، غُفِرَ لَه ما بَيْنَها وبينَ صَلاةِ العِشاءِ ، وَهُنّ الحَسَناتُ يُذْهِبْنَ السّيّئاتِ » .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكيم ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا حيوة ، قال : حدثنا أبو عقيل ، زُهرة بن معبد ، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال : جلس عثمان بن عفان يوما على المقاعد ، فذكر نحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه قال : «وَهُنّ الحَسنَاتُ ، إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات » .
حدثنا ابن البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن زيد ، ورشدين بن سعد ، قالا حدثنا زهرة بن معبد ، قال : سمعت الحرث مولى عثمان بن عفان ، يقول : جلس عثمان بن عفان يوما على المقاعد ، ثم ذكر نحو ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال : «وَهُنّ الحَسنَاتُ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات » .
حدثنا محمد بن عوف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «جُعِلَتْ الصّلَوَاتُ كَفّارَاتِ لِمَا بَيْنَهُنّ ، فإنّ اللّهَ قالَ : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } » .
حدثنا ابن سيار القزار ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عليّ بن زيد ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : كنت مع سلمان تحت شجرة ، فأخذ غصنا من أغصانها يابسا ، فهزّه حتى تحاتّ ورقه ، ثم قال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كنت معه تحت شجرة ، فأخذ غصنا من أغصانها يابسا ، فهزّه حتى تحاتَّ ورقه ، ثم قال : «ألاتَسْألُنِي لِمَ أفْعَلُ هَذَا يا سَلْمانُ ؟ » فقلت : ولم تفعله ؟ فقال : «إنّ المُسْلِمَ إذَا تَوَضّأَ فأحْسَنَ الُوضُوءَ ، ثُمّ صَلّى الصّلَوَاتِ الخَمْسَ ، تَحاتّتْ خَطاياهُ كمَا تَحاتّ هَذَا الوَرَقُ » . ثُمّ تَلا هَذِهِ الآية : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } . . . إلى آخر الآية .
وقال آخرون : هو قوله : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن مجاهد : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، قال : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
وأولى التأويلين بالصواب في ذلك قول من قال في ذلك : هُنّ الصلوات الخمسُ ، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترها عنه أنه قال : «مَثَلُ الصّلَوَاتِ الخَمْسِ مَثَلُ نَهْرٍ جارٍ على بابِ أحَدِكُمْ يَنْغَمِسُ فِيهِ كُلّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرّاتٍ ، فَمَاذَا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنِهِ » ، وإن ذلك في سياق أمر الله بإقامة الصلوات ، والوعد على إقامتها الجزيل من الثواب عقيبها أولى من الوعد على ما لم يجر له ذكر من صالحات سائر الأعمال ، إذا خصّ بالقصد بذلك بعض دون بعض .
وقوله : { ذلكَ ذِكْرَى للذّاكِرِين } ، يقول تعالى : هذا الذي أوعدت عليه من الركون إلى الظلم وتهددت فيه ، والذي وعدت فيه من إقامة الصلوات اللواتي يذهبن السيئات تذكرة ذكرّت بها قوما يذكرون وعد الله ، فيرجون ثوابه ووعيده فيخافون عقابه ، لا من قد طبع على قلبه فلا يجيب داعيا ولا يسمع زاجرا . وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب رجل نال من غير زوجته ولا ملك يمينه بعض ما يحرم عليه ، فتاب من ذنبه ذلك . ذكر الرواية بذلك :
حدثنا هناد بن السريّ ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود ، قالا : قال عبد الله بن مسعود : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال إني عالجت امرأة في بعض أقطار المدينة ، فأصبت منها ما دون أن أمسها ، فأنا هذا ، فاقض فيّ ما شئت ، فقال عمر : لقد سترك الله ، لو سترت على نفسك . قال : ولم يردّ النبي صلى الله عليه وسلم شيئا . فقام الرجل ، فانطلق ، فأتبعه النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً ، فدعاه ، فلما آتاه قرأ عليه : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } ، فقال رجل من القوم : هذا له يا رسول الله خاصة ؟ قال : «بَلْ للنّاسِ كافّةً » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود ، عن عبد الله ، قال : جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إني لقيت امرأة في البستان ، فضممتها إليّ ، وباشرتها ، وقبلتها ، وفعلت بها كلّ شي غير أني لم أجامعها ، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } ، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقرأها عليه ، فقال عمر : يا رسول الله ، أله خاصة ، أم للناس كافة ؟ قال : لا ، بَلْ للنّاسِ كافّةً » ، ولفظ الحديث لابن وكيع .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، أنه سمع إبراهيم بن زيد ، يحدّث عن علقة والأسود ، عن ابن مسعود ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني وجدت امرأة في بستان ، ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها ، قبلتها ، ولزمتها ، ولم أفعل غير ذلك ، فافعل بي ما شئت ، فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، فذهب الرجل ، فقال عمر : لقد ستر الله عليه لو سترت على نفسه ، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره ، فقال : «رُدّوهُ عَليّ » ، فردّوه ، فقرأ عليه : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } ، قال : فقال معاذ بن جبل : أله وحده يا نبيّ الله ، أم للناس كافة ؟ فقال : «بَلْ للنّاسِ كافّةً » .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود ، عن عبد الله ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أخذت امرأة في البستان ، فأصبت منها كل شيء ، غير أني لم أنكحها ، فاصنع بي ما شئت ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما ذهب دعاه ، فقرأ عليه هذه الآية : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت إبراهيم يحدّث عن خاله الأسود ، عن عبد الله : أن رجلاً لقي امرأة في بعض طرق المدينة ، فأصاب منها ما دون الجماع . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فنزلت : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } ، فقال معاذ بن جبل : يا رسول الله ، لهذا خاصة ، أو لنا عامّة ؟ قال : «بَلْ لَكُمْ عَامّةً » .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أنبأني سماك ، قال : سمعت إبراهيم يحدّث عن خاله ، عن ابن مسعود : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقيت امرأة في حش بالمدينة ، فأصبت منها ما دون الجماع . . . نحوه .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم البغدادي ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن إبراهيم عن خاله ، عن ابن مسعود ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : جاء فلان بن معتب ، رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله دخلت عليّ امرأة ، فنلت منها ما ينال الرجل من أهله ، إلا أني لم أواقعها ، فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبه حتى نزلت هذه الآية : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ ، إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات . . . } ، الآية ، فدعاه ، فقرأها عليه .
حدثني يعقوب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن علية ، وحدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، وحدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان جميعا ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة شيئا لا أدري ما بلغ ، غير أنه ما دون الزنا . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فنزلت : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } ، فقال الرجل : ألي هذه يا رسول الله ؟ قال : «لِمَن أخَذَ بِها مِن أُمّتِي ، أوْ لِمَنْ عَمِلَ بِها » .
حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : حدثنا قبيصة ، عن حماد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، قال : كنت مع سلمان ، فأخذ غصن شجرة يابسة ، فحتّه ، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «مَنْ تَوَضّأَ فأحْسَنَ الْوضُوءَ تَحاتّتْ خَطاياهُ كمَا يَتَحاتّ هَذَا الوَرَقُ » ، ثم قال : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ . . . } ، إلى آخر الآية .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة وحسين الجعفي ، عن زائدة ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ ، قال : أتى رجل النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ما ترى في رجل لقي امرأة لا يعرفها ، فليس يأتي الرجل من امرأته شيئا إلا قد أتاه منها غير أنه لم يجامعها ؟ فأنزل الله هذه الآية : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تَوَضّأْ ثُمّ صَلّ » ، قال معاذ : قلت يا رسول الله ، أله خاصة أم للؤمنين عامة ؟ قال : «بَلْ للْمُؤمنِينَ عامّةً » .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : أن رجلاً أصاب من امرأة ما دون الجماع ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك . فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أنزلت : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ . . . } ، الآية ، فقال معاذ : يا رسول الله ، أله خاصة أم للناس عامة ؟ قال : «هِيَ للنّاسِ عامّةً » .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : أتى رجل النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .
حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : ثني عمرو بن الحرث ، قال : ثني عبد الله بن سالم ، عن الزّبيدي ، قال : حدثنا سليم بن عامر ، أنه سمع أبا أمامة يقول : إن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أقم فيّ حدْ الله مرّة واثنتين . فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أقيمت الصلاة ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة ، قال : «أيْنَ هَذَا القائِلُ : أقِمْ فِيّ حدّ اللّهِ ؟ » ، قال : أناذا ، قال : «هَلْ أتْمَمْتَ الُوضُوءَ وَصَلّيْتَ مَعَنا آنِفا ؟ » ، قالَ : نَعَمْ . قال : «فإنّكَ مِنْ خَطِيئَتِكَ كمَا وَلَدَتْكَ أُمّكَ ، فَلا تَعُدْ » . وأنزل الله حينئذ على رسوله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ . . . } ، الآية .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني جرير ، عن عبد الملك ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل : أنه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل ، فقال : يا رسول الله ، رجل أصاب من امرأة ما لا يحلّ له ، لم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا أتاه إلا أنه لم يجامعها ؟ قال : «يَتَوَضّأُ وُضُوءا حَسَنا ثُمّ يُصَلّي » . فأنزل الله هذه الآية : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ . . . } ، الآية ، فقال معاذ : هي له ، يا رسول الله خاصة ، أم للمسلمين عامّة ؟ قال : «بَلْ للمُسْلِمِينَ عامّةً » .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة : أن رجلاً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة ، وهو جالس مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه لحاجة ، فأذن له ، فذهب يطلبها فلم يجدها . فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمطر ، فوجد المرأة جالسة على غدير ، فدفع في صدرها ، وجلس بين رجليها ، فصار ذكره مثل الهُدْبَة ، فقام نادما حتى أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما صنع ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : «اسْتَغْفِرْ رَبّكَ وَصَلّ أرْبَعَ رَكَعاتٍ » ، قال : وتلا عليه : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ . . . } ، الآية .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن عثمان بن وهب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي اليسر بن عمرو الأنصاري ، قال : أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمرا ، فقلت : إن في البيت تمرا أجود من هذا ، فدخلت ، فأهويت إليها ، فقبلتها . فأتيت أبا بكر ، فسألته ، فقال : استر على نفسك ، وتُبْ ، واستغفر الله . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «أخْلَفْتَ رَجُلاً غازيا فِي سَبِيلِ اللّهِ فِي أهْلِهِ بِمِثْلَ هَذَا ؟ » حتى ظننتُ أني من أهل النار ، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ ، قال : فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ، فنزل جبرئيل ، فقال : «أيْنَ أبُو اليُسْرِ ؟ » ، فجِئت ، فقرأ عليّ : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } . . . ، إلى : { ذِكْرَى للذّاكِرِين } ، قال : إنسان : له يا رسول الله ، خاصة ، أم للناس عامة ؟ قال : «للنّاسِ عامّةً » .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي اليسر ، قال : لقيت امرأة ، فالتزمتها ، غير أني لم أنكحها ، فأتيت عمر بن الخطاب ، فقال : اتق الله ، واستر على نفسك ، ولا تخبرنّ أحدا ، فلم أصبر حتى أتيت أبا بكر رضي الله عنه ، فسألته ، فقال : اتق الله ، واستر على نفسك ، ولا تخبرنّ أحدا ، قال : فلم أصبر حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال له : «هل جَهّزْتَ غَازِيا ؟ » ، قلت : لا ، قال : «فهل خَلَفْتَ غَازِيا في أهْلِهِ ؟ » ، قلت : لا ، فقال لي حتى تمنيت أني كنت دخلت في الإسلام تلك الساعة . قال : فلما وليت دعاني ، فقرأ عليّ : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، فقال له أصحابه : ألهذا خاصة أم للناس عامة ؟ فقال : «بَلْ للنّاسِ عامّةً » .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : ثني سعيد ، عن قتادة : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبيّ الله ، هلكت . فأنزل الله : { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن سليمان التيمي ، قال : ضرب رجل على كفل امرأة ، ثم أتى أبا بكر وعمرو رضي الله عنهما ، فكلما سأل رجلاً منهما عن كفارة ذلك ، قال : أمغزية هي ؟ قال : نعم ، قال : لا أدري . ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن ذلك ، فقال : «أمَغْزِيَةٌ هِيَ ؟ » ، قال : نعم . قال : لا أدري . حتى أنزل الله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات } .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن قيس بن سعد ، عن عطاء ، في قول الله تعالى : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } أن امرأة دخلت على رجل يبيع الدقيق ، فقبلها ، فأسقط في يده . فأتى عمر ، فذكر ذلك له ، فقال : اتق الله ، ولا تكن امرأة غاز ، فقال الرجل : هي امرأة غاز . فذهب إلى أبي بكر ، فقال مثل ما قال عمر . فذهبوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم جميعا ، فقال له : كذلك ، ثم سكت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلم يجبهم ، فأنزل الله : { أقِم الصّلاةَ طَرَفِي النّهارِ وَزُلَفا مِنَ اللّيْلِ } ، الصلوات المفروضات ، { إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء بن أبي رباح ، قال : أقبلت امرأة حتى جاءت إنسانا يبيع الدقيق لتبتاع منه ، فدخل بها البيت ، فلما خلا له ، قبّلها . قال : فسقط في يديه ، فانطلق إلى أبي بكر ، فذكر ذلك له ، فقال : أبصر لا تكوننّ امرأة رجل غازٍ ، فبينما هم على ذلك ، نزل في ذلك : { أقِمِ الصّلاة طَرفِي النّهار وزُلَفا مِن اللّيْلِ } ، قيل لعطاء : المكتوبة هي ؟ قال : نعم هي المكتوبة . فقال ابن جريج ، وقال عبد الله بن كثير : هي المكتوبات .
قال ابن جريج ، عن يزيد بن رومان : إن رجلاً من بني غَنم ، دخلت عليه امرأة ، فقبلها ، ووضع يده على دبرها . فجاء إلى أبي بكر رضي الله عنه ، ثم جاء إلى عمر رضي الله عنه ، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : { أقِمِ الصّلاة } . . . ، إلى قوله : { ذلك ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } . فلم يزل الرجل الذي قبّل المرأة يذكر ، فذلك قوله : { ذِكْرَى للذّاكِرِينَ } .