قوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل } – إلى قوله – { وكانوا مجرمين }[ 114-116 ] .
وقال أبو جعفر : ( وزلفا ) بضم اللام {[33374]} . وقرأ ابن محيصن {[33375]} بإسكان اللام {[33376]} فمن فتح اللام ، فهو جمع واحدة زلفة ، ومن ضم {[33377]} اللام فواحدة ( زليف ) كقريب ، وقرب : وقيل : هو واحد مثل الحلم ، والحلم .
وقرأ مجاهد : ( وزلفى ) {[33378]} مثل ( فعلى ) . والزلف : الساعات ، واحدها زلفة . ومن هذا {[33379]} سميت المزدلفة ، لأنها منزل بعد عرفة . وقيل {[33380]} : سميت ( بذلك ) {[33381]} لازدلاف آدم من عرفة إلى حواء {[33382]} ، وهي {[33383]} بها {[33384]} .
ومن أسكن اللام خففها من ( زلفى ) بالضم . ويعني بالزلف : الساعات القريبة من الليل .
ومعنى الآية : { وأقم الصلاة طرفي النهار } ، يعني : العداة ، والعشي {[33385]} ، فالغذاة الصبح ، والعشاء عند مجاهد هي صلاة الظهر .
وروي عنه : الظهر والعصر {[33386]} ، وقيل : عنى بها صلاة المغرب ، وهو قول الحسن ، وابن زيد {[33387]} .
وروي عن منصور ، عن مجاهد أنه قال : { طرفي النهار } صلاة الفجر ، والظهر ، { وزلفا من الليل } : المغرب والعشاء {[33388]} .
وقال الضحاك {[33389]} : عنى بها صلاة العصر .
وقال مجاهد : وزلفا من الليل : أي {[33390]} : ساعات من الليل : صلاة العتمة {[33391]} {[33392]} .
وروي عن الحسن : أنها صلاة المغرب ، والعتمة {[33393]} . والاختيار عند الطبري ، وغيره {[33394]} أن تكون {[33395]} صلاة المغرب ، لأنها طرف ، تصلى بعد غروب الشمس ، كما صلاة الصبح طرف ، تصلى قبل طلوع الشمس : فكلاهما طرف {[33396]} .
وقوله تعالى : { إن الحسنات يذهبن السيئات }[ 114 ] .
( روى ابن عمر {[33397]} أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الصلوات {[33398]} الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفارات {[33399]} لما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر ) {[33400]} .
( وقال أبو عثمان النهدي : كنت مع سلمان {[33401]} تحت شجرة ، فأخذ غصنا منها ، فهزه حتى تساقط ورقه ، ثم ضحك ، فقلت : ما أضحكك ؟ قال {[33402]} : إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوما تحت شجرة ، فأخذ غصنا منها ، فهزه حتى تساقط ورقه ، ثم ضحك . فقلت : ما أضحكك يا رسول الله ؟ فقال : " أضحكني أن العبد المسلم إذا توضأ وضوءه للصلاة ، ثم صلى {[33403]} الصلوات الخمس ، تساقطت {[33404]} عنه ذنوبه كما تساقطت هذه الورق " ، ثم تلى هذه الآية { أقم لصلاة } – إلى آخرها {[33405]} .
وروي عن {[33406]} مجاهد ، عن ابن عمر ، أنه قال : ( ما من مسلم يتوضأ ، فيحسن الوضوء ، إلا تناثرت عنه خطاياه ، كما تتناثر ورق الشجرة {[33407]} اليابسة . ثم تكون صلاته نافلة ( له ) {[33408]} . ثم قرأ {[33409]} ابن عمر : { أقم الصلاة } الآية {[33410]} قال ابن عباس وغيره : هي الصلوات {[33411]} الخمس {[33412]} .
وقال مجاهد : هو قولنا {[33413]} : سبحان الله/ ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر {[33414]} . وقيل : المعنى : أن التوبة تذهب الصغائر . { ذلك ذكرى للذاكرين }[ 114 ] : أي : النهي عن الركون إلى الذين ظلموا ، وإقامة الصلاة تذكرة لقوم يذكرون ، وعد الله عز وجل ، وثوابه {[33415]} وعقابه سبحانه {[33416]} .
( وروي أن هذه الآية نزلت في رجل أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم {[33417]} ، فقال : يا رسول الله {[33418]} ! إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها {[33419]} ، ونلت منها كل شيء إلا الجماع ، فافعل بي ما شئت . فأنزل الله : { أقم الصلاة } – إلى قوله – { للذاكرين }[ 114 ] . فقال معاذ بن جبل {[33420]} : يا رسول الله ! أخاص له أم عام للناس {[33421]} ؟ ( فقال : " بل للناس كافة " ) {[33422]} {[33423]} .
وقال أنس بن مالك {[33424]} ، رضي الله عنه {[33425]} ، أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم {[33426]} ، فقال له {[33427]} : إني أصبت حدا {[33428]} ، فأقمه علي . فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، وحضرت الصلاة ، فصلى . فقال : يا رسول الله ! إني أصبت حدا ، فأقم علي كتاب الله . فقال : أصليت معي ؟ قال : نعم . قال : قد غفر الله لك .
وقيل : المعنى : أن الصلوات الخمس ، يكفرن ما بينهم من الذنوب ، إذا اجتنبت الكبائر {[33429]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.