{ والتين والزيتون } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وعطاء ابن أبي رباح ، ومقاتل ، والكلبي : هو تينكم هذا الذي تأكلونه ، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . والزيتون شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو تمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، لأنهما ينبتان التين والزيتون . وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . وقال ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيليا .
{ 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }
( التين ) هو التين المعروف ، وكذلك { الزَّيْتُونَ } أقسم بهاتين الشجرتين ، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما ، ولأن سلطانهما في أرض الشام ، محل نبوة عيسى ابن مريم عليه السلام .
قال مالك وشعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سَفَر في إحدى الركعتين بالتين والزيتون ، فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه . أخرجه الجماعة في كتبهم{[1]} .
اختلف المفسرون هاهنا على أقوال كثيرة فقيل : المراد بالتين مسجد دمشق . وقيل : هي نفسها . وقيل : الجبل الذي عندها .
وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف{[30230]} .
وروى العوفي ، عن ابن عباس : أنه مسجد نوح الذي على الجودي .
{ وَالزَّيْتُونِ } قال كعب الأحبار ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم : هو مسجد بيت المقدس .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِيَ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ فقال بعضهم : عُنِي بالتين : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الزيتون الذي يُعْصر . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قول الله : والتّينِ والزّيْتُونِ قال : تينكم هذا الذي يؤكل ، وزيتونكم هذا الذي يُعصر .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت الحكم يحدّث ، عن عكرِمة ، قال : التين : هو التين ، والزيتون : الذي تأكلون .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : تينكم وزيتونكم .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سُئل عكرِمة عن قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين تينكم هذا ، والزيتون : زيتونكم هذا .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يُؤكل ، والزيتون : الذي يعصر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، جميعا عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : الفاكهة التي تأكل الناس .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سلام بن سليم ، عن خَصِيف ، عن مجاهد ( َالتّينِ وَالزّيْتُونِ ) قال : هو تينكم وزيتونكم .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يُعصر .
حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبيّ ( ولتّينِ والزّيْتُونِ ) هو الذي ترون .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله : ( وَالتّينِ والزّيْتُونِ ) : التين تينكم ، والزيتون زيتونكم هذا .
وقال آخرون : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا رَوْح ، قال : حدثنا عوف ، عن يزيد أبي عبد الله ، عن كعب أنه قال في قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ )قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( والتّينِ ) قال : الجبل الذي عليه دمشق ( والزّيْتُونِ ) : الذي عليه بيت المقدس .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) ذُكر لنا أن التين الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الذي عليه بيت المقدس .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسألته عن قول الله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : التين : مسجد دمشق ، والزيتون ، مسجد إيلياء .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر ، عن عكِرمة ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) قال : هم جبلان .
وقال آخرون : التين : مسجد نوح ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والتّينِ والزّيْتُونِ ) يعني مجسد نوح الذي بني على الجُودِيّ ، والزيتون : بيت المقدس ، قال : ويقال : التين والزيتون وطور سينين : ثلاثة مساجد بالشام .
والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : التين : هو التين الذي يُؤكل ، والزيتون : هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت ، لأن ذلك هو المعروف عند العرب ، ولا يُعرف جبل يسمى تينا ، ولا جبل يقال له زيتون ، إلاّ أن يقول قائل : أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون . والمراد من الكلام : القسمَ بمنابت التين ، ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا ، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك ، دلالة في ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوّز خلافه ، لأن دمشق بها منابت التين ، وبيت المقدس منابت الزيتون .
وهي مكية ، لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين{[1]} .
اختلف الناس في معنى { التين والزيتون } اللذين أقسم الله تعالى بهما ، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل : هو { التين } الذي يؤكل { والزيتون } الذي يعصر ، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تيناً أهدي إليه ، فقال : «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم{[11890]} ، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس »{[11891]} ، وقال عليه السلام : «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي{[11892]} » ، وقال كعب وعكرمة : القسم بمنابتها ، وذلك أن { التين } ينبت بدمشق ، { والزيتون } ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين ، وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق ، وعلى الآخر بيت المقدس ، وقال ابن زيد : { التين } مسجد دمشق ، { والزيتون } مسجد إلياء ، وقال ابن عباس وغيره : { التين } مسجد نوح { والزيتون } مسجد إبراهيم ، وقيل { التين والزيتون وطور سينين } ، ثلاثة مساجد بالشام ، وقال محمد بن كعب القرظي : { التين } مسجد أصحاب الكهف ، و { الزيتون } مسجد إيلياء .
سميت في معظم كتب التفسير ومعظم المصاحف { سورة والتين } بإثبات الواو تسمية بأول كلمة فيها . وسماها بعض المفسرين { سورة التين } بدون الواو لأن فيها لفظ { التين } كما قالوا { سورة البقرة } وبذلك عنونها الترمذي وبعض المصاحف .
وهي مكية عند أكثر العلماء قال ابن عطية : ل أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين ، ولم يذكرها في الإتقان في عداد السور المختلف فيها . وذكر القرطبي عن قتادة أنها مدنية ، ونسب أيضا إلى ابن عباس ، والصحيح عن ابن عباس أنه قال : هي مكية .
وعدت الثامنة والعشرين في ترتيب نزول السور ، نزلت بعد سورة البروج وقبل سورة الإيلاف .
احتوت هذه السورة على التنبيه بأن الله خلق الإنسان على الفطرة المستقيمة ليعلموا أن الإسلام هو الفطرة كما قال في الآية الأخرى { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها } وأن ما يخالف أصوله بالأصالة أو بالتحريف فساد وضلال ، ومتبعي ما يخالف الإسلام أهل ضلالة .
والتعريض بالوعيد للمكذبين بالإسلام .
والإشارة بالأمور المقسم بها إلى أطوار الشرائع الأربعة إيماء إلى أن الإسلام جاء مصدقا لها وأنها مشاركة أصولها لأصول دين الإسلام .
والتنويه بحسن جزاء الذين اتبعوا الإسلام في أصوله وفروعه .
وشملت الامتنان على الإنسان بخلقه على أحسن نظام في جثمانه ونفسه .
ابتداء الكلام بالقَسَم المؤكد يؤذن بأهمية الغرض المسوق له الكلام ، وإطالةُ القَسَم تشويق إلى المُقْسَم عليه .
والتينُ ظاهره الثمرة المشهورة بهذا الاسم ، وهي ثمرة يشبه شكلها شكل الكمثرى ذات قشر لونه أزرق إلى السواد ، تتفاوت أصنافه في قُتومَة قِشره ، سهلة التقشير تحتوي على مثل وعاء أبيضَ في وسطه عَسل طيّبٌ الرائحة مخلوط ببزور دقيقة مثل السِمسم الصغير ، وهي من أحسن الثمار صورة وطعماً وسهولة مضغ فحالتُها دالة على دقة صنع الله ومؤذنة بعلمه وقدرته ، فالقسم بها لأجل دلالتها على صفات إلهية كما يقسم بالاسم لدلالته على الذات ، مع الإِيذان بالمنة على الناس إذ خلَق لهم هذه الفاكهة التي تنبت في كل البلاد والتي هي سهلة النبات لا تحتاج إلى كثرة عمل وعلاج .
والزيتونُ أيضاً ظاهره الثمرة المشهورة ذاتُ الزيت الذي يُعتصر منها فيطعمه الناس ويستصبحُون به . والقَسَم بها كالقَسَم بالتين من حيث إنها دالّة على صفات الله ، مع الإِشارة إلى نعمة خلق هذه الثمرة النافعة الصالحة التي تكفي الناس حوائج طعامهم وإضاءتهم .
وعلى ظاهر الاسمين للتِّين والزيتون حملهما جمع من المفسرين الأوَّلين ابنُ عباس ومجاهد والحسن وعكرمةُ والنخعي وعطاء وجابر بن زيد ومقاتِل والكلبي وذلك لما في هاتين الثمرتين من المنافع للناس المقتضية الامتنان عليهم بأن خلقها الله لهم ، ولكن مناسبة ذكر هذَيْن مع { طور سنين } ومع { البلد الأمين } تقتضي أن يكون لهما محمل أوفق بالمناسبة فروي عن ابن عباس أيضاً تفسير التين بأنه مَسجد نوح الذي بني على الجُودي بعد الطوفان . ولعل تسمية هذا الجبل التين لكثرته فيه إذ قد تسمى الأرض باسم ما يكثر فيها من الشجر كقول امرىء القيس :
وسمي بالتين موضع جاء في شعر النابغة يصف سحابَات بقوله
صُهْب الظِّلال أتَيْنَ التينَ في عُرُضٍ *** يَزجين غَيماً قَليلاً ماؤُه شَبِما
والزيتون يطلق على الجبل الذي بُني عليه المسجد الأقصى لأنه ينبت الزيتون . وروي هذا عن ابن عباس والضحاك وعبد الرحمن بن زيد وقتادة وعكرمة ومحمد بن كعب القرظِي . ويجوز عندي أن يكون القَسَم ب { التين والزيتون } معنياً بهما شجر هاتين الثمرتين ، أي اكتسب نوعاهما شرفاً من بين الأشجار يكون كثير منه نابتاً في هذين المكانين المقدسين كما قال جرير :
أتذكرُ حين تصقِل عارضَيْها *** بفرع بشامة سُقي البشام{[455]}
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وهي مكية ، لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين . ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
الحقيقة الرئيسية التي تعرضها هذه السورة هي حقيقة الفطرة القويمة التي فطر الله الإنسان عليها ، واستقامة طبيعتها مع طبيعة الإيمان ، والوصول بها معه إلى كمالها المقدور لها . وهبوط الإنسان وسفوله حين ينحرف عن سواء الفطرة واستقامة الإيمان .
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
سميت في معظم كتب التفسير ومعظم المصاحف سورة والتين بإثبات الواو تسمية بأول كلمة فيها . وسماها بعض المفسرين سورة التين بدون الواو لأن فيها لفظ { التين } كما قالوا سورة البقرة، وبذلك عنونها الترمذي وبعض المصاحف . وهي مكية عند أكثر العلماء قال ابن عطية : لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين ، ولم يذكرها في الإتقان في عداد السور المختلف فيها . وذكر القرطبي عن قتادة أنها مدنية ، ونسب أيضا إلى ابن عباس ، والصحيح عن ابن عباس أنه قال : هي مكية ...
أغراضها: احتوت هذه السورة على التنبيه بأن الله خلق الإنسان على الفطرة المستقيمة ليعلموا أن الإسلام هو الفطرة كما قال في الآية الأخرى { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها } وأن ما يخالف أصوله بالأصالة أو بالتحريف فساد وضلال ، ومتبعي ما يخالف الإسلام أهل ضلالة . والتعريض بالوعيد للمكذبين بالإسلام . والإشارة بالأمور المقسم بها إلى أطوار الشرائع الأربعة إيماء إلى أن الإسلام جاء مصدقا لها وأنها مشاركة أصولها لأصول دين الإسلام . والتنويه بحسن جزاء الذين اتبعوا الإسلام في أصوله وفروعه . وشملت الامتنان على الإنسان بخلقه على أحسن نظام في جثمانه ونفسه . ...
التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :
في السورة تنويه بتكوين الإنسان ومواهبه ، وتنبيه إلى ما يمكن أن يتردى إليه من الانحطاط بالانحراف عن الإيمان والعمل الصالح ، وتوكيد بالجزاء الأخروي واتساق ذلك مع عدل الله وحكمته ، والسورة عامة التوجيه والعرض . وقد روت بعض الروايات أنها مدنية ، غير أن أكثر الروايات متفقة على مكيتها وأسلوبها يؤيد ذلك . ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
هذه السّورة تدور آياتها حول حسن خلقة الإنسان ومراحل تكامله ونموّه وانحطاطه . وتبدأ بقسم عميق المعنى ، تذكر عوامل انتصار الإنسان ونجاته ، وتنتهي بالتأكيد على مسألة المعاد وحاكمية اللّه المطلقة . ...
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
أقسم الله عز وجل بالتين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يخرج منه الزيت . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ" ؛
فقال بعضهم : عُنِي بالتين : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الزيتون الذي يُعْصر ... وقال آخرون : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : بيت المقدس ...
والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : التين : هو التين الذي يُؤكل ، والزيتون : هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت ، لأن ذلك هو المعروف عند العرب ، ولا يُعرف جبل يسمى تينا ، ولا جبل يقال له زيتون ، إلاّ أن يقول قائل : أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون ، والمراد من الكلام : القسمَ بمنابت التين ، ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا ، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك دلالة في ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوز خلافه ، لأن دمشق بها منابت التين ، وبيت المقدس منابت الزيتون . ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قوله تعالى : { والتين والزيتون } { وطور سنين } { وهذا البلد الأمين } قسم أقسم تأكيدا للحجج التي أقامها ما لو لا القسم لكان ما ذكر يوجب ذلك ، لكن في القسم تأكيد ما ذكر من الحجة...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
أراد بهما نعم الله تعالى على عباده التي منها التين والزيتون ، لأن التين طعام ، والزيتون إدام . ...
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . والزيتون شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو تمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . ...
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالتِّينِ لِيُبَيِّنَ فِيهِ [ وَجْهَ ] الْمِنَّةِ الْعُظْمَى ، فَإِنَّهُ جَمِيلُ الْمَنْظَرِ ، طَيِّبُ الْمَخْبَرِ ، نَشِرُ الرَّائِحَةِ ، سَهْل الْجَنْيِ ، عَلَى قَدْرِ الْمُضْغَةِ ،.. وَلِامْتِنَانِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ ، وَتَعْظِيمِ النِّعْمَةِ فِيهِ ، فَإِنَّهُ مُقْتَاتٌ مُدَّخَرٌ . فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ . وَإِنَّمَا فَرَّ كَثِيرٌ من الْعُلَمَاءِ من التَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ تَقِيَّةَ جَوْرِ الْوُلَاةِ، فَإِنَّهُمْ يَتَحَامَلُونَ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَائِيَّةِ ، فَيَأْخُذُونَهَا مَغْرَمًا ، حَسْبَمَا أَنْذَرَ بِهِ الصَّادِقُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ سَبِيلًا إلَى مَالٍ آخَرَ يَتَشَطَّطُونَ فِيهِ . وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نِعْمَةِ رَبِّهِ بِأَدَاءِ حَقِّهِ .
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :
والأظهر أنهما الموضعان من الشام وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى ومسكنه ، وذلك أن الله ذكر بعد هذا الطور الذي كلم عليه موسى ، والبلد الذي بعث منه محمد صلى الله عليه وسلم ...
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
فقوله تعالى { والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين } إقسام منه بالأمكنة الشريفة العظيمة الثلاثة ، التي ظهر فيها نوره وهداه وأنزل فيها كتبه الثلاثة : التوراة والإنجيل والقرآن ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويقسم الله - سبحانه - على هذه الحقيقة بالتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين ، وهذا القسم على ما عهدنا في كثير من سور هذا الجزء - هو الإطار الذي تعرض فيه تلك الحقيقة . وقد رأينا في السور المماثلة أن الإطار يتناسق مع الحقيقة التي تعرض فيه تناسقا دقيقا .
وطور سينين هو الطور الذي نودي موسى - عليه السلام - من جانبه . والبلد الأمين هو مكة بيت الله الحرام . . وعلاقتهما بأمر الدين والإيمان واضحة . . فأما التين والزيتون فلا يتضح فيهما هذا الظل فيما يبدو لنا .
وقد كثرت الأقوال المأثورة في التين والزيتون . . قيل : إن التين إشارة إلى طور تينا بجوار دمشق ...
وقيل في الزيتون : إنه إشارة إلى طور زيتا في بيت المقدس . ...
ومن ثم فإننا لا نملك أن نجزم بشيء في هذا الأمر . وكل ما نملك أن نقوله - اعتمادا على نظائر هذا الإطار في السور القرآنية - : إن الأقرب أن يكون ذكر التين والزيتون إشارة إلى أماكن أو ذكريات ذات علاقة بالدين والإيمان . أو ذات علاقة بنشأة الإنسان في أحسن تقويم [ وربما كان ذلك في الجنة التي بدأ فيها حياته ] . . كي تلتئم هذه الإشارة مع الحقيقة الرئيسية البارزة في السورة ؛ ويتناسق الإطار مع الحقيقة الموضوعة في داخله . على طريقة القرآن . . .
التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :
ولاحظ بعض المفسرين أن طور سينين مهبط وحي موسى عليه السلام ، والبلد الأمين مهبط وحي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن فلسطين كانت مشهورة بكروم زيتونها وتينها وهي مهبط وحي عيسى عليه السلام ، وأن التساوق يقضي أن يكون المقصود هو فلسطين المشهورة بتينها وزيتونها . وفي هذا وجاهة ظاهرة . ...