السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة . مدنية . وهي ثماني آيات ، وأربع وثلاثون كلمة ، ومائة وخمسون حرفاً .

{ بسم الله } الذي له الملك كله { الرحمن } الذي وسع الخلائق عدله { الرحيم } الذي خص أولياءه بتوفيقه فظهر عليهم جوده وفضله .

وقوله تعالى : { والتين والزيتون } قسم وتقدّم نظائر ذلك أقسم بهما لأنهما عجيبتان من بين أصناف الأشجار المثمرة ، روي أنه «أهدي للنبيّ صلى الله عليه وسلم طبق من تين فأكل منه ، وقال لأصحابه : كلوا فلو قلت : إنّ فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه » لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير ، وتنفع من النقرس ، ومرّ معاذ بن جبل بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيباً واستاك به وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة » . وسمعته يقول : «هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي » . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هو تينكم هذا الذي تأكلون وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . وقال عكرمة : هما جبلان من الأرض المقدّسة يقال لهما بالسريانية طور تيناً وطور زيتاً ؛ لأنهما منبتا التين والزيتون .

وقيل : التين جبال ما بين حلوان وهمدان ، والزيتون جبال الشام لأنها منابتهما ، كأنه قيل : ومنابت التين والزيتون . وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيليا . وقال الضحاك : مسجدان بالشام . وقال ابن زيد : التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس ، وحسن القسم بهما لأنهما موضع الطاعة . وقيل : التين مسجد نوح عليه السلام الذي بناه على الجودي ، والزيتون مسجد بيت المقدس .