{ والتين والزيتون } هما هذا التينُ وهذا الزيتونُ خصَّهُما الله سبحانَهُ من بينِ الثمارِ بالإقسامِ بهما لاختصاصِهما بخواصَّ جليلةٍ فإنَّ التينَ فاكهةٌ طيبةٌ لا فُضلَ لهُ وغذاءٌ لطيفٌ سريعُ الهضمِ ودواءٌ كثيرُ النفعِ يلينُ الطبعَ ويحللُ البلغمَ ويطهرُ الكليتينِ ويزيلُ ما في المثانةِ من الرملِ ويسمن البدنَ ويفتحُ سددَ الكبدِ والطِّحالِ . ورَوَى أبو ذرَ رضيَ الله عنْهُ أنَّه أهدى للنبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ سلٌّ من تينٍ فأكلَ منْهُ وقالَ لأصحابِه : «كُلوا فلَو قلتُ إن فاكهةً نزلتْ من الجنةِ لقلتُ هذا لأنَّ فاكهةَ الجنَّةِ بلا عجمَ{[851]} فكلُوهَا فإنَّها تقطعُ البواسيرَ وتنفعُ منَ النِقرسِ »{[852]} .
وعَنْ عليِّ بنِ مُوسى الرِّضَا التينُ يزيلُ نكهةَ الفمِ ، ويطولُ الشعرَ ، وهُوَ أمانٌ منَ الفالجِ ، وأما الزيتونُ فهو فاكهةٌ وإدامٌ ودواءٌ ، ولو لم يكنْ له سِوى اختصاصِه بدهنِ كثيرِ المنافعِ معَ حصولِه في بقاعٍ لا دهنيةَ فيهَا لكَفى به فضلاً ، وشجرتُه هيَ الشجرةُ المباركةُ المشهودُ لهَا في التنزيلِ . ومرَّ معاذُ بنُ جبلٍ رضيَ الله عنْهُ بشجرةِ الزيتونِ فأخذَ منهَا قضيباً واستاكَ بهِ وقالَ : سمعتُ النبيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يقولُ : «نعمَ السواكُ الزيتونُ من الشجرةِ المباركةِ يطيبُ الفمَ ويذهبُ بالحفرةِ »{[853]} وسمعتُه يقولُ : «هوَ سواكِي وسواكُ الأنبياءِ قبلِي » وقيلَ : هما جبلانِ من الأرضِ المقدسةِ يقالُ لهما بالسريانيةِ : طُورتينَا وطورزيتَا لأنهمَا منبِتا التينِ والزيتونِ . وقيل : التينُ جبالٌ ما بينَ حلوانَ وهمدانَ ، والزيتونُ جبالُ الشامِ لأنهمَا منابتَهما كأنه قيلَ : ومنابتِ التينِ والزيتونِ . وَقالَ قَتَادةُ : التينُ الجبلُ الذي عليهِ دمشقُ والزيتونُ الجبلُ الذي عليهِ بيتُ المقدسِ . وقال عكرمةُ وَابنُ زيدِ : التينُ دمشقُ ، والزيتونُ بيتُ المقدسِ وهو اختيارُ الطبريِّ . وقالَ محمدُ بنُ كعبٍ : التينُ مسجدُ أصحابِ الكهفِ والزيتونُ مسجدُ إِيْليَا . وعن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهمَا : التينُ مسجدُ نوحٍ عليهِ السلامُ الذي بناهُ على الجُودِيِّ والزيتونُ مسجدُ بيتِ المقدسِ . وقالَ الضحَّاكُ : التينُ المسجدُ الحرامُ والزيتونُ المسجدُ الأَقْصى ، والصحيحُ هُوَ الأولُ . قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا : هو تينُكُم الذي تأكلونَ وزيتونُكم الذي تعصِرونَ منْهُ الزيتَ ، وبه قالَ مجاهدٌ وعكرمةُ وإبراهيمُ النخعيُّ وعطاءٌ وجابرٌ وزيدٌ ومقاتلٌ والكلبيُّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.