البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين

هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال ابن عباس وقتادة : مدنية . ولما ذكر فيما قبلها من كمله الله خلقاً وخلقاً وفضله على سائر العالم ، ذكر هنا حالة من يعاديه ، وأنه يرده أسفل سافلين في الدنيا والآخرة ، أقسم تعالى بما أقسم به أنه خلقه مهيأ لقبول الحق ، ثم نقله كما أراد إلى الحالة السافلة .

التين : هو الفاكهة المعروفة ، واسم جبل ، وتأتي أقوال المفسرين فيه

والظاهر أن التين والزيتون هما المشهوران بهذا الاسم ، وفي الحديث : « مدح التين وأنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس » ، وقال تعالى : { وشجرة تخرج من طور سيناء } قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة والنخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي .

وقال كعب وعكرمة : أقسم تعالى بمنابتهما ، فإن التين ينبت كثيراً بدمشق ، والزيتون بإيليا ، فأقسم بالأرضين .

وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق وعلى الآخر بيت المقدس ، انتهى .

وفي شعر النابغة ذكر التين وشرح بأنه جبل مستطيل .

قال النابغة :

صهب الظلال أبين التين عن عرض *** يزجين غيماً قليلاً ماؤه شبها

وقيل : هما مسجدان ، واضطربوا في مواضعهما اضطراباً كثيراً ضربنا عن ذلك صفحاً .