اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وقال ابن عباس وقتادة : مدنية ، وهي ثماني آيات ، وأربع وثلاثون كلمة ، ومائة وخمسون حرفا{[1]} .

قوله تعالى : { والتين والزيتون } .

قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبيُّ : هو تينكم الذي تأكلون ، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت قال تعالى : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سََينآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ }{[60482]} [ المؤمنون : 20 ] ومن خواص التين : أنه غذاء وفاكهة ، وهو سريع الهضم لا يمكث في المعدة ، ويقلل البلغم ، ويطهر الكليتين ، ويزيل ما في المثانة من الرمل ، ويسمن البدن ، ويفتح مسام الكبد والطحالِ .

وروى أبو ذر - رضي الله عنه - قال : «أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم سلٌّ من تينٍ ، فقال : «كُلُوا » وأكَلَ مِنهُ ، ثُمَّ قال لأصْحَابهِ : «كُلُوا ؛ لَوْ قُلتُ : إنَّ فَاكهَةً نَزلَتْ مِنَ الجنَّةِ ، لقُلْتُ : هَذهِ ، لأنَّ فَاكِهَة الجنَّةِ بِلاَ عجمٍ ، فكُلُوهَا ، فإنَّهَا تَقْطَعُ البَواسيرَ ، وتَنْفَعُ مِنَ النقرسِ »{[60483]} .

وعن علي بن موسى الرضى : «التين » يزيل نكهة الفم ، ويطول الشعر ، وهو أمان من الفالج ، وأما الزيتون فشجرته هي الشجرة المباركة{[60484]} .

وعن معاذ - رضي الله عنه - أنه استاك بقضيب زيتون ، وقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «نِعْمَ السواكُ الزَّيتُون ، مِنَ الشَّجرةِ المُبارَكَةِ ، يُطيِّبُ الفَمَ ، ويُذْهِبُ الحَفَرَ ، وهِيَ سِوَاكِي وسِواكُ الأنْبِيَاء من قَبْلِي »{[60485]} .

وعن ابن عباس : «التين » مسجد نوح - عليه الصلاة والسلام - الذي بني على الجودي والزيتون : «بيت المقدس »{[60486]} .

وقال الضحاك : التين : «المسجد الحرام » ، والزيتون : «المسجد الأقصى » .

وقال عكرمة وابن زيد : التين : «مسجد دمشق » ، والزيتون : «مسجد بيت المقدس »{[60487]} [ وقال قتادة : «التين : الجبل الذي عليه «دمشق » ، والزيتون الذي عليه «بيت المقدس » .

وقال محمد بن كعب - رضي الله عنه - : التين : مسجد أصحاب الكهف والزيتون «إيليا »{[60488]} .

وقال عكرمة وابن زيد : التين : «دمشق » ، والزيتون : «بيت المقدس »{[60489]} ]{[60490]} وهذا اختيار الطبري{[60491]} .

وقيل : هما جبلان بالشام يقال لهما : طور زيتا وطور تينا بالسريانية ، سميا بذلك لأنهما ينبتان التين والزيتون .

قال القرطبيُّ{[60492]} : «والصَّحيحُ الأولُ ، لأنه الحقيقة ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل » .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[60482]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/631-632)، وزاد نسبته إلى ابن أبي يخرجاه ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/620)، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
[60483]:ذكره السيوطي في "الطب النبوي" ص 173 وعزاه إلى ابن السني وأبي نعيم في الطب والديلمي في "مسند الفردوس" قال ابن القيم في "الزاد" (3/214): في ثبوته نظر. وذكره ابن حجر في "تخريج الكشاف" (4/773)، وعزاه إلى أبي نعيم في "الطب" والثعلبي وقال: وفي إسناده من لا يعرف.
[60484]:ذكره الرازي في "تفسيره" (32/9) عن علي بن موسى الرضا.
[60485]:ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/100) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه معلل بن محمد ولم أجد من ذكره.
[60486]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/632) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/619) وزاد نسبته إلى ابن مردويه وابن أبي حاتم.
[60487]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/75).
[60488]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/504).
[60489]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (30/75).
[60490]:سقط من: ب.
[60491]:ينظر: جامع البيان 12/634.
[60492]:الجامع لأحكام القرآن 20/76.